في يونيو/حزيران 2020، كثير من الليبيين اجتاحتهم موجة من الأمل كانت غائبة طوال سنوات في بلد تطحنه الحرب الأهلية منذ عام 2014. وقتها، هُزم المشير خليفة حفتر، الجنرال الذي قضى السنوات الست الماضية في محاولة إخضاع البلاد عسكريا، وتشتتت قواته. وأخيرا، شعر الناس بأنه من الممكن أن تعود العملية السياسية التي كانت تهدف إلى استرضائه إلى استكمال الانتقال السياسي الذي يريده الليبيون من جماهيرية معمر القذافي إلى حكومة للشعب.
ولكن بعد ثلاث سنوات، اختفى هذا الأمل مرة أخرى. فعلى الرغم من فرصة ليبيا القصيرة والذهبية للتقدم، فإن شبكة المصالح الدولية والطبقة السياسية الجشعة تضيق الخناق على أي أمل في التغيير الإيجابي.
وها هي ليبيا اليوم دولة متداعية، تسودها الفوضى العارمة، بدل الخدمات الحكومية، ويغذي هذه الفوضى الفساد والمحسوبية. وفيما تحافظ الميليشيات الإسلامية المتشددة وتنظيمات إجرامية على سلام مزرٍ متقطع في الفترات المتقطعة بين المناوشات، تراجعت القيادات السياسية الليبية لتحتمي وراء الدفاعات التي وفرتها القوى الخارجية، بينما تخطط لترسيخ امتيازاتها وقمع رغبة شعبها في الانتخابات.
الليبيون في هذا يشبهون كثيرا من الشعوب الأخرى في بعض الدول العربية، وحيدون في كفاحهم. وبعد أن تحملوا فترات طويلة من الفوضى، استقرت حياتهم اليومية على ما يشبه الوضع الطبيعي، ففي جميع أنحاء البلاد، بينما تتحلل بقايا الحرب من أنقاض وبقايا متفحمة، ترتفع مراكز التسوق اللامعة والمقاهي الجديدة، وتمتد شوارع بعينها في مناطق بعينها لتخدم أجزاء بعينها من المدن مهملة أجزاء أخرى، لتُقدَّم إلى العالم الخارجي كرموز لإعادة إحياء ليبيا، بينما ينظر إليها الليبيون داخل البلاد كنصب تذكاري لغسيل الأموال وظهور طبقة مميزة جديدة.