ميلانو: باولو برانكا (ميلانو، 1957) مستعرب ومترجم إيطالي، مختص بالشؤون الإسلامية، حاصل على إجازة في اللغة العربية وآدابها في كلية اللغات الشرقية بجامعة "كا فوسكاري" في البندقية عام 1982. في عام 1989 أصبح باحثا في الإسلام في الجامعة الكاثوليكية في ميلانو، وبدأ بتدريس اللغة العربية والأدب العربي منذ عام 1994، وهو محاضر في جامعات ومعاهد مختلفة، من بينها جامعة"أوربانيانا" البابوية التابعة للكنيسة الكاثوليكية، معهد العالم العربي في باريس، مركز الدراسات العليا للدفاع في جامعة روما، جامعة لوزان، جامعة بيزا، جامعة فلورنسة وجامعة عين شمس.
- تخرجت في قسم اللغة العربية وآدابها في كلية اللغات الشرقية بجامعة "كا فوسكاري" في البندقية في 1982. ما الذي دفعك إلى اختيار دراسة اللغة العربية وآدابها، ومن ثمّ تكريس جلّ وقتك لدراستها وتدريسها فيما بعد؟
اخترت دراسة اللغة العربية لأنني كنت أريد تعلّم لغة نادرة، وفي تلك الفترة، قبل أربعين عاما، لم تكن اللغة العربية محط جاذبية. فكّرت باللغة اليابانية، لكن اليابان بعيدة جدا عن إيطاليا، وفي الهند يتكلمون مئات اللغات، فاخترت العربية لأنها اللغة الشرقية الأقرب إلى إيطاليا، ولأن العلاقات بين شمال إفريقيا والشرق الأوسط وإيطاليا، قديمة ولها جذور ضاربة في التاريخ. في الحقيقة، كان طموحي في البداية إيجاد وظيفة ما في إحدى شركات النفط إلا أن هذا الأمر لم يتحقق. ربما أتقاضى الآن راتبا أقل ممّا كنت أتوقعه، مع ذلك، فإنني سعيد لأنني أكملت دراساتي وصعدت السلم الأكاديمي كباحث وأستاذ في الجامعة الكاثوليكية في ميلانو. في هذه الأثناء، كان حضور الجاليات العربية والمسلمة في ميلانو وفي إيطاليا بشكل عام، قد ازداد عددا، مما أتاح لي الفرصة للعب دور ثقافي حتى خارج الجامعة، وذلك من خلال المؤتمرات واللقاءات الكثيرة في المكتبات العامة وفي المساجد وفي الكنائس لتوطيد الحوار بين الأديان وتعزيز الروابط بين حضارات دول المتوسط، فكلنا أبناء المنطقة نفسها منذ القدم.
- في عام 1984 حصلت على منحة من الحكومة المصرية، فواصلت من خلالها بحثك في القاهرة عن الفكر العربي المعاصر، كيف عشت هذه التجربة؟
طبعا هذا مهم، فقد تركّزت الدراسات الاستشراقية لمدة طويلة على الجغرافيا السياسية والاقتصاد دون الاهتمام بحياة المجتمعات العربية المحلية والمهاجرين العرب الموجودين في أوروبا وفي إيطاليا بشكل خاص لما تملكه من أواصر مع الدول العربية منذ عهد الإمبراطورية الرومانية. لقد اخترت منذ البداية دراسة اتجاهات الفكر العربي والإسلامي المعاصر.في عام 1988 أجريت أيضا مقابلة مع الأستاذ المرحوم محمد أحمد خلف الله، المفكر المصري وأحد رواد الحداثة الإسلامية، الذي كتب كتابا مهما جدا عن الفن القصصي في القرآن. كتب هذه الأطروحة في الجامعة لكنهم صادروها. لماذا؟ لأنه أشار فيها إلى أن النصوص القرآنية مجازية الهدف منها التوجيهات الأخلاقية. مثلا بعض الكلمات في سورة ما، لها معنى مختلف في سورة أخرى. وهو كان يتساءل: كيف يمكن ذلك؟ وعزا الأمر إلى أن أسلوب الفن القصصي وغايته تختلف من سورة إلى أخرى في القرآن الكريم. وبالتالي، إن دور الشخصيات وأقوالها قد يتغير حسب الهدف التربوي والروحاني للآيات المذكورة، وهذا يعني أنه ليس ثمة أخطاء تاريخية، بل مجرد اختلاف أسلوبي.