بينما كانت السيارة تقلنا من مدينة الحسكة، أقصى شمال شرق سوريا، نحو "مخيم الهول"، الذي يضم عشرات الآلاف من أفراد عائلات مقاتلي تنظيم داعش، عبر الطريق البري التاريخي، الرابط بين مدينة الموصل العراقية وحلب السورية، تنقل وكالات الأنباء عن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن تحذيره من خطورة "الإبقاء على مخيم الهول، لأنه يهدد بعودة التنظيم والإرهاب على مستوى العالم".
نصل المخيم مع ساعات الصباح الأولى، منحدرين من هضبة "الخاتونية" جنوباً، لنواجه بـ"بحر من الخيام"، وسط صعيد صحراوي جاف، حيث لا صوت ولا حركة ولا ضوء يصدر من المخيم، لكنه ينشر كل أشكال القلق والخوف في مختلف أنحاء العالم.
بعد عملية تدقيق وتفتيش تفصيلية، مررنا خلالها بثلاثة حواجز متتالية، ندخل المخيم من البوابة الشرقية، نسير ببطء بين خيم القطاع الأول القريب من مركز الأمن العام ومقر الأمم المتحدة، نلتفت ورائنا بين كل خطوة وأخرى، يُمعن الأطفال النظر إلينا، بعضهم القليل يبادلنا الابتسامات، بينما تقول النسوة العابرات بالقرب منا "لا تصورونا".
تتلاشى المخاوف رويداً رويداً، بالضبط حينما نصل واحداً من أسواق المخيم، الذي يشبه باقي الأسواق التي صادفناها في مدن "الجزيرة السورية"، باعة يصدحون بأعلى أصواتهم، محال للبقالة وبيع الأطعمة والألبسة والأحذية والقرطاسيات والحلويات والدجاج واللحوم، وكل شيء آخر قد يخطر في البال.
في المحصلة "مخيم الهول عالم كامل وقائم بذاته"، كما أخبرنا السائق العمومي الذي يعمل على الخط الواصل من مدينة الحسكة إلى المخيم، فيه أسواق ومدارس وملاعب ومساجد وقصابون وحلاقون وعيادات طبية ومكاتب لتحويل الأموال وأخرى للإنترنت والهواتف النقالة وحدائق وساحات عامة ومقار لمنظمات دولية، وصلة يومية ودائمة مع كل ما يحيط به، على الرغم من وجود سياج شائك يحيط به من كل حدب.