تحتفل بريطانيا في يونيو/حزيران الجاري بالذكرى ال 75 لوصول سفينة إمباير ويندرش Empire Windrush إلى تيلبوري بالقرب من لندن. ولهذه السفينة رمزية خاصة فقد جلبت 802 مهاجرا من الكاريبي وتحتفي المملكة المتحدة بها على نطاق واسع باعتبارها بداية موجة الهجرة من الهند الغربية إلى بريطانيا.
فقد أسهم من يسمون الآن بـ "جيلِ ويندرش" مساهمةً كبيرة في الثقافة والمجتمع والاقتصاد في المملكةِ المتحدة، بينما يصف أكثر من 600000 بريطاني أنفسهم اليوم بأنهم "بريطانيون كاريبيون،" أي ما يقرب من 1 بالمئة من السكان.
ولكن الاحتفال بالذكرى السنوية ال 75 لوصول السفينة يأتي في ظل تزايد معارضة الحكومة البريطانية للهجرة عموما، إذ تبنّى حزب المحافظين خلال العقد الماضي سياسات تهدف إلى تقييد الهجرة القانونية وغير القانونية. وبعد تصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي جرى عام 2016، فسر المحافظون النتيجة باعتبارها تعبيرا عن رغبة شعبية لتقييد الهجرة من الدول الأوروبية، وأكدوا أنّ تقييد الهجرة كان حجر أساسٍ في صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع بروكسل.
وفي الآونة الأخيرة، اقترح رئيس الوزراء ريشي سوناك تشريعا صارما لقمع المهاجرين غير الشرعيين الذين يعبرون القنال الإنجليزي في قوارب صغيرة، وه تشريع قد يشكّل خرقا للقانون الدولي. وحتى جيلُ ويندرش تأثر بهذا النهج العدواني، إذ أنهم هُددوا بالترحيل في السنوات الأخيرة بسبب عدم حيازة بعضهم على الأوراق الصحيحة – الذي يكون مردّه في الأغلب أخطاء إدارية.
بناء عليه، ما هي الصورة الأكثر دقة التي تبدو عليها بريطانيا اليوم؟ هل هي التي ترسمها الاحتفالات بالذكرى السنوية الـ 75 لـوصول سفينة ويندرش، ومن ضمنها سكّ عملات معدنية خاصة بالمناسبة، وحفلات استقبال يقيمها الملك في قصر باكنغهام، أم هي التي ترسمها "البيئة المعادية" للهجرةِ التي شجع عليها وزراء الداخلية البريطانيون المتعاقبون؟ وفي حقيقة الأمر، يعكس كلا الأمرين علاقة بريطانيا المعقدة بالهجرة منذ عقود.