الصين تنافس الهيمنة العسكرية الأميركيةhttps://www.majalla.com/node/294336/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D9%86%D8%A7%D9%81%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D9%87%D9%8A%D9%85%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%8A%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A9
في التاسع من يونيو/حزيران 2023 نشرت شبكة "سي ان ان" نقلاً عن مسؤول أميركي أن كوبا وافقت على السماح للصين ببناء منشأة تجسس في الجزيرة يمكن أن تسمح لها بالتنصت على الاتصالات الإلكترونية عبر جنوب شرقي الولايات المتحدة. وأضافت الشبكة أن الولايات المتحدة علمت بإبرام الصفقة في الأسابيع العديدة الماضية، ولكن من غير المؤكد ما إذا كانت الصين قد بدأت بالفعل في بناء المنشأة. وفي السياق عينه قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، ودائماً وفقاً للشبكة: "كانت لدينا مخاوف حقيقية بشأن علاقة الصين بكوبا، ونحن قلقون بشأن أنشطة الصين في نصف الكرة الأرضية وفي جميع أنحاء العالم. نحن نراقبها عن كثب ونتخذ خطوات لمواجهتها، ولا نزال على ثقة من أننا قادرون على الوفاء بجميع التزاماتنا الأمنية في الداخل وفي المنطقة".
وفي العشرين من يونيو/حزيران نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين أن التفاوض بين كوبا والصين قد أصبح في مراحله النهائية وأن المنشأة ستسمح لأجهزة المخابرات الصينية بالحصول على الاتصالات الإلكترونية في جميع أنحاء جنوب شرقي الولايات المتحدة، حيث يوجد كثير من القواعد العسكرية، إضافة إلى مراقبة حركة السفن الأميركية. كما سيؤدي تأسيس المنشأة إلى تمركز جنود صينيين وحدوث عمليات استخباراتية وأمنية صينية على بعد 100 ميل من ساحل ولاية فلوريدا. طبعاً هي ليست المحاولة الأولى التي تقوم بها الصين، فالكل لا زال يذكر قصة المنطاد الصيني الذي عبَر الولايات المتحدة في فبراير/شباط المنصرم قبل أن يتم إسقاطه، ولكن السؤال الذي يطرح هو ماذا يمكن للولايات المتحدة أن تفعل إزاء بناء منشأة تجسس صينية في كوبا؟
في العشرين من يونيو/حزيران نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أميركيين أن التفاوض بين كوبا والصين قد أصبح في مراحله النهائية.
من المراقبة إلى حفظ السلام، قدرات تفوق الاحتياجات
إنّ محاولة الصين عسكرة نفوذها ومنها إقامة قواعد عسكرية ليست خارج السياسات المعلنة التي دأبت القيادة الصينية على تنفيذها ولا زالت تؤكد عليها. ففي خطابه أمام المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي في 22/10/2022 سلّط الرئيس الصيني "شي جينبينغ" الضوء على التغييرات السريعة التي طرأت على الساحة الدولية مؤكداً على حاجة الصين إلى المضي قدماً في تعزيز قوتها العسكرية وداعياً إلى "تعزيز أسس الأمن القومي مع تحسين أنظمة الإنذار المبكر"
وقد دأبت الصين منذ عقود على توسيع نفوذها حول العالم وشكّلت سفنها الحربية إحدى الوسائل المعتمدة لتحقيق هذا الانتشار؛ حيث شهدت منطقتا القرن الأفريقي وخليج عدن ذات الأهمية الاستراتيجية وجوداً صينياً متزايداً، اعتباراً من ديسمبر/كانون الأول من عام 2008، عبْر نشر وحدات بحرية لتنفيذ مهمات مرافقة في خليج عدن والمياه قبالة الصومال. وقد تم تعزيز هذه الوحدات وزيادة قدراتها اعتباراً من 26/9/2021 بالأسطول (39) التابع لجيش التحرير الشعبي الصيني المكوّن من مدمرة الصواريخ الموجهة (أورومتشي) وفرقاطة الصواريخ (يانتاي) وسفينة الإمداد (تايهو)، والعشرات من جنود العمليات الخاصة وطائرتي هليكوبتر، بعد إخضاعها لتدريبات في مجالات مكافحة الإرهاب والقرصنة وإعادة التزود بالإمدادات في البحر.
ووفقاً لصحيفة "الشعب" الصينية في 12 يونيو 2022 فإن بحرية جيش التحرير الشعبي الصيني قامت بأكثر من 7 آلاف مهمة بحرية في خليج عدن والمياه المواجهة لسواحل الصومال منذ عام 2008. والجدير ذكره أن الصين تمتلك أضخم أسطول بحري في العالم يضم 777 وحدة بحرية بينها حاملتا طائرات وحاملة مروحيات و79 غواصة، إضافة إلى المدمرات وسفن الدورية والفرقاطات.
وقد تطور الصين جاهزية وقدرات قواتها البحرية من خلال مشاركاتها في قوات حفظ السلام على المسرح الأفريقي. ونشرت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" الصينية، في عددها الصادر بتاريخ 4/6/2022: "تعتبر الصين أن مشاركة جيشها في قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة هي فرصة لزيادة الخبرات العسكرية في تلك المناطق، حيث تؤدي التدريبات المشتركة مع دول أخرى إلى زيادة القدرات في مجالات العمليات والاستطلاع، كما تسمح باختبار كثير من الأسلحة المتطورة والمدمرات والفرقاطات والمروحيات المضادة للغواصات وهي وحدات بحرية تفوق بكثير احتياجات مهام مكافحة القرصنة المعلنة.
ويقول محللون عسكريون إن الوحدات البحرية الصينية المولجة بمهام حفظ السلام في المياه الأفريقية قد بلغت نحو 40 وحدة بحرية منذ انضمام الصين لمهام مكافحة القرصنة في خليج عدن.
من خليج عدن إلى غرب أفريقيا
حذّر القائد السابق للقيادة الأميركية في أفريقيا "أفريكوم" الجنرال "Stephen J. Townsend"، في مقابلة مع وكالة "أسوشييتد برس" في 6 مايو/أيار 2021 من أن التهديد المتزايد من الصين قد لا يأتي فقط من مياه المحيط الهادي ولكن من المحيط الأطلسي أيضاً. وتتطلع بكين إلى إنشاء ميناء بحري كبير قادر على استضافة غواصات وحاملات طائرات على الساحل الغربي لأفريقيا". وأضاف: "تواصلت الصين مع دول تمتد من موريتانيا إلى جنوب ناميبيا، وهي عازمة على إقامة منشأة بحرية. وإذا تم تحقيق ذلك، فإن هذا الاحتمال سيمكّن الصين من تمركز سفن حربية من أسطولها المنتشر في المحيط الأطلسي كما في المحيط الهادي".
ويضيف: "إنهم يبحثون عن مكان يمكنهم فيه إعادة تسليح وإصلاح السفن الحربية... إن طريقهم طويل نحو تحقيق ذلك في جيبوتي. الآن يلقون أنظارهم على ساحل المحيط الأطلسي ويريدون الحصول على مثل هذه القاعدة هناك".
دأبت الصين منذ عقود على توسيع نفوذها حول العالم وشكّلت سفنها الحربية إحدى الوسائل المعتمدة لتحقيق هذا الانتشار
لماذا غرب أفريقيا؟
تنظر الصين إلى منطقة غرب أفريقيا باعتبارها حلقة الوصل الهامة بين المناطق الاستراتيجية الأخرى في شمال ووسط وجنوب القارة، بما في ذلك منطقة الساحل والصحراء حيث ترسخ الصين نفوذها، سعيًّا لموازنة النفوذ الغربي الذي يمثل تحديّاً لها. وتقدم منطقة غرب أفريقيا بحكم موقعها الاستراتيجي كثيرا من الميزات الجيوسياسية، فهي تطل على الساحل الغربي للمحيط الأطلسي مما يعني قربها الجغرافي- ولو نسبياً- من الولايات المتحدة الأميركية المنافس الرئيس للصين في العالم، بالإضافة إلى كونها تمثل حائط صدّ للتحديات التي تهدد أمن القارة الأوروبية.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم دول غرب أفريقيا تنضوي تحت مظلة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS)، (Economic Community of West African States) ، وهي مُنظمة سياسية واتحاد اقتصادي إقليمي يتكوّن من 15 دولة تقع في منطقة غرب أفريقيا وتغطي هذه البلدان مجتمعة مساحة 5.114.162 كيلومترا مربعا (1.974.589 ميلا مربعا)، فيما يفوق عدد سكانها 350 مليون نسمة حسب إحصاءات سنة 2015. ويؤمن تموضع الصين في منطقة غرب آسيا جملة من المصالح الاستراتيجية التي يمكن تأطيرها على الشكل التالي:
أولاً، المصالح السياسية: استخدمت بكين قوتها الناعمة من أجل تعزيز علاقاتها السياسية وتوطيد علاقات التعاون الاقتصادي والأمني مع دول غرب أفريقيا، وذلك في إطار سياسة الباب المفتوح التي تبنتها في أفريقيا. ترتبط المصالح الصينية في شرق أفريقيا وغربها بعدد من الدوافع، فهي تسعى للحصول على الدعم الأفريقي لقضاياها في المحافل الدولية مثل تايوان وهونغ كونغ وبحر الصين الجنوبي، سيما أن الكتلة الأفريقية تقدر بنحو 28 في المئة من إجمالي أعضاء الجمعية العمومية وتضم منطقة غرب أفريقيا وحدها 15 دولة أفريقية.
ثانياً، المصالح الاقتصادية والتجارية: لقد سعت الصين من خلال قدراتها الاقتصادية الهائلة لتصدير نموذج صيني تنموي لدول القارة الأفريقية وقدمت نفسها نموذجاً اقتصادياً مناسباً لها، وهو ما يلقى ترحيباً أفريقياً في ضوء حاجة الدول الأفريقية للمزيد من الاستثمارات الصينية ومشروعات البنية التحتية التي تقوم بمعظمها الشركات الصينية، على نحو جعل بكين هي الأكثر تأثيراً من بين القوى الدولية الفاعلة في غرب أفريقيا على الصعيد الاقتصادي، في ظلّ هيمنتها على معظم الاستثمارات في عدد من القطاعات المهمة مثل البنية التحتية والاتصالات والمعادن والنفط.
دأبت الصين منذ عقود على توسيع نفوذها حول العالم وشكّلت سفنها الحربية إحدى الوسائل المعتمدة لتحقيق هذا الانتشار.
كما تتطلع الصين إلى موارد وثروات دول غرب أفريقيا، وذلك في ضوء حاجتها للمزيد من المواد الخام لسد احتياجاتها الصناعية ونموها الاقتصادي. وقد أشارت تقارير إلى أن بكين سوف تستورد كميات كبيرة من النفط خلال العقد الحالي، وهو ما يعزز مساعيها للاستثمار في قطاعات النفط والغاز في غرب أفريقيا مثل نيجيريا وأنجولا لضمان إمداداتها. كذلك تهدف بكين إلى الاستفادة من كثافة عدد المستهلكين في الأسواق الأفريقية الذي يتجاوز مليار نسمة بتوفير أسواق تصديرية للسلع الصينية التي تضم جزءاً من العمالة الصينية، من أجل تعظيم المصالح الاقتصادية الصينية في المنطقة، كما تدفع نحو تهيئة بيئة مواتية للأعمال التجارية عبر منتدى التعاون الصيني الأفريقي (فوكاك).
ثالثاً، المصالح الأمنية والعسكرية: ترى بكين في اضطراب السياق الإقليمي الأمني في منطقة غرب أفريقيا بما في ذلك الساحل والصحراء بسبب تصاعد نشاط التنظيمات الإرهابية هناك، فرصة جيدة لانخراطها في معالجة القضايا الأمنية التي تمثل مدخلًا مهماً لتعاظم النفوذ الصيني في المنطقة.
من القرن الأفريقي نحو غينيا
بدأت الصين منذ 2010 بالخروج من موقع الثبات في النطاق الصيني نحو مواقع توفر للقوات العسكرية الصينية ميزتيّ الحركة والاستعداد للمواجهة مع منافستها الرئيسة الولايات المتحدة. وكانت الخطوة الأولى باتجاه منطقة القرن الأفريقي وتحديداً جيبوتي بالقرب من طرق الملاحة الأكثر ازدحاماً في العالم، حيث تمّ توقيع اتفاق مع حكومتها عام 2010 لإقامة قاعدة بحرية عسكرية تتسع لنحو 10 آلاف من جنودها (تم افتتاحها عام 2017). وفي عام 2021 تم الانتهاء من بناء رصيف جديد معدّ لاستقبال حاملات طائرات وغواصات نووية ليتلاءم مع المخطط العام في تعزيز وجود الصين الأمني على مستوى القرن الأفريقي والمحيط الهندي. كما أعلن وزير الخارجية الصيني وانغ يي (Wang Yi) عن استحداث منصب مبعوث خاص للقرن الأفريقي.
وكما هو معلوم فإن القاعدة الصينية تقع بالقرب من القاعدتين العسكريتين الفرنسية والأميركية المُتمركزة في معسكر "Camp Lemonier" بجيبوتي الذي يعتبر مقر القيادة العسكرية الأميركية لأفريقيا (AFRICOM). وتتيح القاعدة التحكم بنطاق جغرافي واسع ومُتداخل فهي تطل على خليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والمحيط الهندي، بما يؤمن حماية الاستثمارات الصينية في دول القرن الأفريقي حتى ما وراء الساحل الموزمبيقي على المحيط الهندي والمُشاركة في التحكم في البحر الأحمر.
ونحو مزيد من توظيف علاقاتها الجيدة مع دول القارة الأفريقية لخدمة توسّعها العسكري، تحدثت عدة تقارير أميركية مؤخراً عن أن الصين بصدد إقامة قاعدة عسكرية دائمة لها في "غينيا الاستوائية" على ساحل المحيط الأطلسي، مما سيجعل الوجود العسكري الصيني على بعد 10 آلاف كيلومتر من سواحل الولايات المتحدة خاصة السواحل الشرقية في فلوريدا وكارولاينا الشمالية والجنوبية.
في تقييم المخاطر
يأتي هذا التطور في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الأميركية الصينية أزمات عديدة بشأن عدد من القضايا، من بينها، قضية تايوان إضافة إلى الصاروخ الفرط صوتي الذي أطلقته الصين العام الماضي، يضاف إلى ذلك إجهاض الولايات المتحدة العام الماضي لمشروع بناء قاعدة عسكرية صينية في دولة الإمارات العربية المتحدة. وفي التفاصيل كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أن وكالات المخابرات الأميركية عثرت على أدلة بوجود أعمال بناء لما تعتقد أنها منشأة عسكرية صينية سرية في الإمارات، تم إيقافها لاحقاً بضغط من واشنطن. وقد أشارت شبكة "CNN" إلى تعليق إنشاء المشروع السري الصيني داخل ميناء خليفة بعد ضغط شديد من الولايات المتحدة الأميركية، حيث أعرب الرئيس بايدن في اتصال هاتفي أجراه مع ولي عهد أبوظبي- آنذاك- الشيخ محمد بن زايد، عن قلقه بشأن الوجود الصيني المتزايد في الإمارات وتأثيره على الشراكة بين الدولتين.
وفيما يجيب على القلق الأميركي المتزايد من التمدد الصيني، أرسلت واشنطن نائب مستشار الأمن القومي الأميركي جون فينر، إلى العاصمة مالابو، في مهمة لإقناع الرئيس "تيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو" برفض مبادرة الصين. وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن: "كجزء من دبلوماسيتنا لمعالجة قضايا الأمن البحري، أوضحنا لغينيا الاستوائية أن بعض الخطوات المحتملة التي تنطوي على نشاط صيني هناك ستثير مخاوف تتعلق بالأمن القومي".
وفي مثال آخر، على الطموح الصيني اللامحدود أبرمت الصين اتفاقاً سرياً مع كمبوديا للسماح لبحريتها باستخدام إحدى قواعدها، حسبما أوردت عدة وسائل إعلام عام 2019، بما يؤكد استراتيجية بكين لبناء شبكة من المنشآت العسكرية حول العالم دعماً لطموحاتها في أن تصبح قوة عالمية حقيقية. هذا بالإضافة إلى الشكوك حيال استغلال الصين للموانئ التجارية التي بنتها في باكستان وإيران وسريلانكا في خدمة أهدافها العسكرية.
وسيظل التحرك العسكري البحري الصيني في نطاق مسؤولية القيادة العسكرية الأميركية للمحيطين الهادي والهندي "INDOPACOM"، لكن للصين خيارات أخرى كاستخدام ميناء كراتشي في باكستان وهو ميناء تزوره السفن الصينية منذ عقود، وقد أجرت فيه القوات البحرية الصينية والباكستانية تدريبات عسكرية منتظمة. كما أن هناك خيارا آخر مُتاحا للصين في باكستان وهو ميناء جوادر المطل على بحر العرب ومنه على الخليج العربي وبإمكان الصين بسهولة تحويله للاستخدام البحري العسكري من قبل جيش التحرير الشعبي الصيني.
تنظر الصين إلى منطقة غرب أفريقيا باعتبارها حلقة الوصل الهامة بين المناطق الاستراتيجية الأخرى في شمال ووسط وجنوب القارة، بما في ذلك منطقة الساحل والصحراء حيث ترسخ الصين نفوذها، سعيًّا لموازنة النفوذ الغربي الذي يمثل تحديّاً لها.
لقد دخلت الصين نادي القوى الدولية العسكرية واختارت المواجهة في المحيطين الهندي والهادي وهما جبهة المواجهة النهائية مع الولايات المتحدة الأميركية. وهناك تنافس مفتوح بين القوى الدولية الكبرى للتمركز في قواعد بحرية على سواحل القرن الأفريقي بدءاً من كينيا وحتي الحدود الدولية بين السودان ومصر، حيث يعتبر البحر الأحمر وخليج عدن والخليج العربي وبحر عمان وبحر العرب مسارح فرعية لها دورها في الإعداد للمواجهة في المحيطين الهندي والهادي.
من هنا ضرورة إدراك الارتباط الحتمي بين المحيطين المذكورين ومنطقة الشرق الأوسط، فقناة السويس ومضيق هرمز ومضيق باب المندب هي مناطق عبور استراتيجية للصين والولايات المتحدة، مما يجعل أمنها واستقرارها جزءاً من أمن واستقرار منطقتيّ الهادي والهندي وبما يرفع من حدّة المخاطر المترتبة على ذلك. وقد تكون الشرق الأوسط في السنوات القليلة المقبلة عرضة لتداعيات الصراع على الممرات البحرية بين الولايات المتحدة والصين وروسيا المنافس الحاضر للولايات المتحدة في كل العصور.