في السادس من آب/ أغسطس 2020 وبعد يومين على انفجار مرفأ بيروت، الانفجار الذي راح ضحيته مئات المدنيين وتسبب بخسائر بمليارات الدولارات في بلد كان يعاني أساسا من أزمة مالية واقتصادية خانقة، زار الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون العاصمة اللبنانية، وتفقد المرفأ أو ما بقي منه وقال "لم آتِ لدعم الحكومة والسلطة، ولكنّ لأدعم الشعب".
مشى في الشوارع بين الناس، عانقهم رغم انتشار جائحة كورونا أنذاك، أغدق على اللبنانيين بالوعود وأظهر تعاطفه مع الشعب ضد "السلطة"، ومنذ تلك اللحظة لم يفعل ماكرون سوى عكس ما وعد، فلم يترك فرصة الا ودعم من خلالها لا السلطة اللبنانية ضد مطالب الشعب فحسب، بل انحاز بشكل واضح لفريق من السلطة اللبنانية، انحاز ل"حزب الله"، ضاربا بعرض الحائط ما يمثله هذا الحزب المصنف كمنظمة إرهابية في دول عدة، متجاهلا كم الجرائم التي لم يتوقف الحزب عن ارتكابها، متناسيا ان ضحايا ارهاب حزب الله ليسوا فقط لبنانيين وسوريين ويمنيين وعراقيين، بل فرنسيين ايضا.
قبل أسابيع قليلة، أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عين وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، موفداً خاصاً إلى لبنان، في محاولة جديدة لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد.
لم يفعل ماكرون سوى عكس ما وعد، فلم يترك فرصة الا ودعم من خلالها لا السلطة اللبنانية ضد مطالب الشعب فحسب، بل انحاز بشكل واضح لفريق من السلطة اللبنانية، انحاز لـ "حزب الله"
قبل أسابيع قليلة، أعلنت الرئاسة الفرنسية أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عين وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان، موفداً خاصاً إلى لبنان، في محاولة جديدة لإنهاء الأزمة السياسية في البلاد.
ووفقا لمسؤول بالرئاسة الفرنسية طلب عدم الكشف عن اسمه، فإن لودريان سيُكلف بالمساعدة في إيجاد حلّ "توافقي وفعال" للأزمة اللبنانية التي تفاقمت خصوصاً بعد انفجار مرفأ بيروت.
وصل لو دوريان الى لبنان في زيارة قيل أنها استقصائية، والتقى بالمسؤولين اللبنانيين الذي اعتبر بعضهم أن ثمة مبادرة فرنسية جديدة تتعلق بالملف الرئاسي، بعد فشل مجلس النواب للمرة الثانية عشرة في انتخاب رئيس للجمهورية.
وبات من المعلوم أن فرنسا تتبنى ترشيح النائب السابق سليمان فرنجية المدعوم من "حزب الله" وحركة أمل، فيما توافقت القوى الاخرى مؤخرا على دعم ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، بما في ذلك التيار الوطني الحر، الذي ظهرت خلافات مؤخرا بينه وبين حليفه "حزب الله" بسبب الملف الرئاسي ودعم الحزب لفرنجية، بينما كان رئيس التيار الوزير السابق جبران باسيل يأمل ان يرث عمه الرئيس السابق ميشال عون ويدعم الحزب ترشيحه وهو ما لم يحصل.
وصل لو دوريان الى لبنان في زيارة قيل أنها استقصائية، والتقى بالمسؤولين اللبنانيين الذي اعتبر بعضهم أن ثمة مبادرة فرنسية جديدة تتعلق بالملف الرئاسي، بعد فشل مجلس النواب للمرة الثانية عشرة في انتخاب رئيس للجمهورية
اعتبر الفريق المعارض لترشيح فرنجية والذي يضم حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي ومستقلين وعدد من النواب "التغيريين" ان صفحة ترشيح فرنجية قد طويت، وأكد الافرقاء المسيحيون أنه لا بد من احترام ارادة المسيحيين بعدما توافقوا على مرشح وهو أزعور، فجاء كلام رئيس مجلس النواب ورئيس حركة "أمل" مخالفا لتوقعات الكثيرين، فهو لم يعلن فقط تمسكه و"حزب الله" بترشيح فرنجية لمنصب الرئاسة، بل أكد ان الفرنسيين ايضا لم "يطوا صفحة ترشيح فرنجية"، وان ما يقال عن أن الولايات المتحدة تعرقل الرئاسة اللبنانية "غير الصحيح" وهي ستتعاون مع أي رئيس منتخب"، وان كان يشعر"أنها تفضل قائد الجيش".
يدرك الجميع اقليميا ودوليا وحتى داخليا ان أزمة لبنان هي ب"حزب الله" وسلاحه، فوجود ميليشيا مسلحة مصنفة ارهابية في أغلب دول العالم تفرض ارادتها وأجندتها على الدولة اللبنانية واللبنانيين بقوة السلاح تلميحا وتصريحا، هو العائق الأساسي أمام قيام ديموقراطية حقيقية ومحاسبة ومحاربة الفساد المستشري.
وان كان سليمان فرنجية يتباهى بأنه حليف وصديق أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله، بينما المرشح جهاد أزعور هو على المقلب الآخر من التحالفات، وان كان ثمة قناعة قد تشكلت عند غالبية القوى السياسية اللبنانية وهي أن حل مسألة سلاح الحزب لم يعد شأنا داخليا وانه خاضع لتفاهمات وخلافات اقليمية ودولية ولا يمكن للبنان وحده ان يحل هذه المعضلة، الا ان ملفات أخرى غابت عن حديث المرشحين والقوى الداعمة لهما، من المعابر غير الشرعية والشرعية والتهريب وما كلف ويكلف خزينة الدولة اللبنانية من خسائر بالملايين يوميا، الى تصنيع وتجارة الكبتاغون التي دفع اللبنانيون ثمنها بأن توقف تصدير المنتجات الزراعية اللبنانية لعدد من الدول الخليجية وما نتج عن ذلك من خسائر تقدر بالمليارات في قطاعي الزراعة والصناعة، الى تبيض الأموال واستخدام المصارف اللبنانية بعمليات مشبوهة، الى التحقيق بانفجار المرفأ الذي وعد الرئيس الفرنسي اللبنانيين انه سيقف الى جانبهم حتى كشف الحقيقة وتحقيق العدالة، وها هو حتى اليوم مشلول (اي التحقيق) بسبب عرقلة قوى سياسية لمساره وعلى رأسهم "حزب الله".
ان تسعى فرنسا لحل مشكلة لبنان وانهاء الفراغ الرئاسي أمر تشكر عليه، ولكن أن يجلس مبعوثها مع أشخاص خاضعين للعقوبات أو من ينوب عنهم، بل وتتبنى وجهة نظر فريقهم السياسي فهو الأمر المستغرب وخصوصا ان سياسة "حزب الله" تضر بمصالح حلفاء فرنسا في المنطقة وعلى رأسهم السعودية وليس فقط بمصالح اللبنانيين.
ان تسعى فرنسا لحل مشكلة لبنان وانهاء الفراغ الرئاسي أمر تشكر عليه، ولكن أن يجلس مبعوثها مع أشخاص خاضعين للعقوبات أو من ينوب عنهم، بل وتتبنى وجهة نظر فريقهم السياسي فهو الأمر المستغرب وخصوصا ان سياسة "حزب الله" تضر بمصالح حلفاء فرنسا في المنطقة وعلى رأسهم السعودية وليس فقط بمصالح اللبنانيين.
هي ليست المرة الأولى التي يحاول ماكرون اتباع سياسة "الجزرة" مع "حزب الله" في لبنان، ولن تكون المرة الأولى التي لن يلتزم الحزب بأي من تعهداته بعد حصوله على ما يريد من الفرنسيين، وهذا بدوره يضع اشارات استفهام عديدة، ماذا يريد ماكرون من لبنان؟ وما الذي يتظره مقابل موقفه الداعم ل"حزب الله"؟