أتاح تزامنُ وقوع حادثتين مأساويتين، للكثير من المتابعين وجمهور "التواصل الاجتماعي"، خصوصا في العالم العربي، عقد مقارنات حول تباين الاهتمام الإعلامي بانفجار الغواصة "تيتان" في عمق سحيق شمال المحيط الأطلسي، وعلى متنها خمسة أثرياء، وغرق قارب مهاجرين غير شرعيين في البحر المتوسط قبالة شواطئ اليونان، حيث قضى نحو ستمائة مهاجر غير شرعي.
لا يمكن إنكار زخم الاهتمام الإعلامي الذي حظيت به حادثة الغواصة الاستكشافية التابعة لشركة "أوشن غيت"التي كانت في طريقها إلى حطام سفينة تايتانيك الشهيرة التي غرقت في المحيط عام 1912، وغرق فيها، آنذاك، أكثر من 1500 شخص، مقارنة بالتغطية الإعلامية الهامشية لكارثة قارب المهاجرين غير الشرعيين الفارين من دول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي محاولة انفعالية بسيطة لتفسير هذا التباين، ذهبت غالبية التعليقات إلى تكرار الشكوى البديهية ذاتها حول "ازدواجية المعايير"، وزيف "الشعارات الإنسانية" التي يرفعها الإعلام الغربي، بل بلغ الاندفاع بالبعض إلى استحضار "نظرية المؤامرة"، الغامضة والفضفاضة، لتحليل هذا الانحياز الإعلامي لضحايا الغواصة، في مقابل خذلان ضحايا القارب.
هنا، يطرح سؤال حول مدى صوابية هذه التعليقات، وهل حقا يمكن اختزال الأمر على هذا النحو الذي يتجاهل الكثير من العناصر والدوافع التي تحرك الآلة الإعلامية العالمية بهذا الاتجاه دون ذاك.
ثمة قاعدة إعلامية كلاسيكية معروفة، تقول "إذا عض كلب رجلا"، فهذا لا يعد خبرا، لأنه حدث عادي ومألوف، أما إذا "عض رجل كلبا" فهذا هو الخبر لأنه ينطوي على الغرابة والفرادة، وهذا المبدأ الإعلامي البسيط، الذي لا زال يدرس في أكاديميات الإعلام، قد يكون المدخل الأنسب لتبرير التفاوت الإعلامي في تغطية الحدثين.