رصدت تطبيقات تتبع حركة الطائرات مغادرة العديد من الطائرات الخاصة، بعض مسجل باسم مسؤولين حكوميين، مطارات موسكو في اتجاه العاصمة الثانية سانت بيترسبورغ ومدن في الاورال.
حركة الطائرات قد لا تشير إلى انهيار بنى السلطة في روسيا على ما ذهب البعض، بل ربما تشير إلى إبعاد كبار أركان السلطة عائلاتهم عن موقع الاضطرابات المقبلة. بيد أن ذلك يكفي للدلالة على حجم المشكلة التي يواجهها الحكم في موسكو منذ أعلن ممول شركة المرتزقة "فاغنر" تمرده على وزارة الدفاع التي اتهمها بقصف مواقع عناصره في أوكرانيا.
لكن ما حقيقة وزن "فاغنر" وصاحبها يفغيني بريغوجين في السلطة الروسية. قصة صعود الرجل من بائع مأكولات متوجل بعد خروجه من السجن أوائل التسعينات وتحوله إلى أحد رموز كرملين فلاديمير بوتين وأحد مراكز القوى في موسكو، باتت معروفة وتنطوي على ملخص غير منظور عن تركيبة السلطة الحالية المؤلفة من تحالف شكله بوتين في أولى سنوات رئاسته ليحل مكان ذاك الذي أمسك الحكم بالبلاد في عهد بوريس يلتسين بين انهيار الاتحاد السوفياتي واندلاع الحرب الشيشانية الثانية في 1999.
التقارير الأخيرة تتحدث عن وصول قوات "فاغنر" الى مدينة فورونيج في طريقها من روستوف إلى موسكو التي تعهد بريغوجين بالقضاء على كل من يقف عائقا أمام وصوله إليها وحيث سيطيح بوزير الدفاع سيرغي شويغو خصمه اللدود وبرئيس الأركان فيتالي غيراسيموف اللذين اتهمها بقطع الإمدادات عن قواته أثناء معركة باخموت الضارية قبل أن يأمر شويغو- بحسب زعيم "فاغنر"- بقصف معسكرات عناصره قرب خطوط القتال.
اقرأ أيضا: باخموت سقطت لكن "مفرمة اللحم" لم تتوقف
لكن فورونيج تبعد حوالى 550 كيلومترا جنوب موسكو. والمعلومات المتوافرة لا تتحدث عن وقوع صدامات تذكر بين المرتزقة وقوات الأمن والجيش النظامي لا في روستوف ولا على الطريق إلى فورونيج في حين أن التحركات العسكرية داخل العاصمة موسكو لا تشي بأن حدثا جللا سيقع لاقتصارها على نشر بعض المدرعات من دون أن تتأثر الحياة العادية في المدينة.
يعطي ذلك انطباعا غذته مواقع "البلوغر الحربيين" الروس أن ثمة تنسيقا غير مرئي بين "فاغنر" وبين أجنحة في الدولة الروسية لفرض تغيير كبير داخل السلطة التي أساءت إدارة الحرب في أوكرانيا على نحو هدد مراكز القوى وقدم بعضها على البعض الآخر في انتهاك للتوازن الذي أرساه بوتين في أعوام حكمه الأولى كما سلفت الإشارة بين الجيش وأجهزة المخابرات وكبار المتمولين الذين راكموا ثرواتهم "بوسائل مثيرة للجدل" (وهو التعبير الملطف للنهب والفساد الذي فاق التصور في التسعينات) وبين أرباب صناعة النفط والغاز وبين قادة المناطق الذين حصلوا على جوائز ترضية بتوسيع مكاسبهم خشية تكرار ظاهرة الانفصاليين الشيشان.