قبل سنوات طويلة من تأسيس جامعة الدول العربية وإطلاق القمم العربية التي كان آخرها في شهر مايو/أيار الماضي، عقد العرب مؤتمرهم الأول في باريس سنة 1913، بهدف جمع قوتهم وتوحيد صوتهم وصفوفهم في وجه الدولة العثمانية.
في الفترة ما بين 18-23 يونيو/حزيران 1913 اجتمع مندوبو العرب في قاعة الجمعية الجغرافية الفرنسية في شارع سان جيرمان العريق بباريس، القريب من المجلس الوطني الفرنسي، وخرجوا بمقررات تاريخية– لو طبّقت– لتغير شكل الشرق الأوسط ولربما ما كانت الثورة العربية الكبرى بعد ثلاث سنوات. طالبوا بزيادة تمثيلهم السياسي في الدولة، والاعتراف بهم كمكون رئيس من مكونات السلطنة العثمانية، مع صون لغتهم وجعلها رسمية في المدارس وفي "مجلس المبعوثان" العثماني في إسطنبول (أول مجلس نيابي عثماني أسسه السلطان عبد الحميد عام 1876م).
ردّ الدولة العثمانية كان في الأساس سلبياً للغاية، وقد ترافق مع حملة تشهير وتخوين ممنهجة ضد المؤتمر ومنظميه، قامت بها الصحف التركية بإيعاز من جمعية الاتحاد والترقي الحاكمة في إسطنبول. ولكن عقلاء السلطنة يومها نجحوا في تبديل الموقف الرسمي، ولو مؤقتاً، وأعلنوا موافقتهم على كل طلبات العرب قبل التراجع عنها، واحداً تلو الآخر، مع اندلاع الحرب العالمية الأولى في صيف عام 1914. بين ليلة وضحاها طويت كل مقررات مؤتمر العرب وكان مصير منظميه وأعضائه إمّا النفي أو الاعتقال أو الإعدام في ساحات بيروت ودمشق.