وبحسب تقرير نشره مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، ارتفع عدد من يحتاجون إلى مساعدات من 13,4 مليون شخص خلال العام الماضي إلى 14,6 مليون شخص حاليا.
وأنهكت سنوات الحرب الاقتصاد ومقدّراته، بينما تتضاءل تدريجيا قدرة الحكومة على توفير الاحتياجات الرئيسة على وقع تدهور سعر صرف الليرة السورية.
وبحسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، فإن 76 في المئة من الأسر غير قادرة على تلبية احتياجاتها الأساسية، بزيادة قدرها 10 في المئة عن العام الماضي.
وأوضح المكتب أن السكان الذين لم ينزحوا أو عادوا إلى مناطقهم قبل يناير/كانون الثاني 2021، أصبحوا أيضا غير قادرين بشكل متزايد على تلبية احتياجاتهم الأساسية. ورأى في ذلك "مؤشرا" على اتساع نطاق الأزمة.
وفي العام 2021، تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 9,2 مليون شخص من الأكثر ضعفا احتاجوا للمساعدة، وهو ما يشكل "زيادة بنسبة 44 في المئة" مقارنة مع العام السابق. ويسلط ذلك "الضوء على الانعكاس الكبير للتدهور الاقتصادي على شرائح من السكان، ممن كانوا أقل تأثرا بشكل مباشر بالأعمال العدائية والنزوح".
وباتت سوريا بين أكثر البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي على مستوى العالم، حيث يعاني أكثر من نصف سكانها من انعدام شديد في الأمن الغذائي.
ويعتمد نحو 12.4 مليون شخص على الخبز من المخابز العامة لتلبية الحد الأدنى من السعرات الحرارية اليومية. ومن خلال خطة الاستجابة الإنسانية، أطلق برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وشركاؤه سلسلة من التدخلات الإنسانية المتكاملة لتعزيز سلسلة القيمة من القمح إلى الخبز، والتي تعطلت بشكل كبير بسبب سنوات من الصراع.
كما يشمل ذلك إعادة تأهيل مصنع الخميرة العام الوحيد في البلاد، والذي يقع في محافظة حمص. وقبل الأزمة، كان لدى سوريا 4 مصانع تملكها الدولة توفر نحو 113 طنا من الخميرة لشبكة واسعة من المخابز العامة في جميع أنحاء البلاد بشكل يومي.
اليوم، لم يتبق سوى مصنع حمص، وسط البلاد، وهو يعمل على نطاق أقل بكثير. وخارج سوريا، تشير الإحصائيات إلى أن نسبة الفقر بين اللاجئين السوريين تختلف من منطقة إلى أخرى، لكنّها تخطت 60 في المئة في بعض الدول.
وتقول الأمم المتحدة إن المجتمعات المضيفة تأثرت بهذه الأزمة، وإن 93 في المئة من اللاجئين يعيشون بين المجتمعات المضيفة وليس في مخيمات. وتستضيف تركيا أكبر عدد من اللاجئين السوريين.
ودعت الأمم المتحدة المانحين إلى تقديم الدعم لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة، إذ إن المنظمة الدولية لا تحصل عموما سوى على 58 في المئة من التمويل المطلوب.
وتشدد الأمم المتحدة على أن الحل السياسي هو الخيار الوحيد لإنهاء معاناة المدنيين.
ونجم الصراع في سوريا عن احتجاجات سلمية على حكم الرئيس بشار الأسد في مارس/آذار 2011 وتحول إلى صراع طويل الأمد بين أطراف متعددة وتدخلت فيه قوى إقليمية وعالمية. وتوقف القتال على أغلب الجبهات منذ سنوات، لكن العنف والأزمة الإنسانية لا يزالان مستمرين مع استمرار وجود ملايين النازحين واللاجئين.
إعمار سوريا... مهمة صعبة
استعادت الحكومة السورية السيطرة على أكثر من 70 في المئة من البلاد، بعد أكثر من 12 عاما من الحرب، وبعد سلسلة من "الانتصارات" العسكرية في السنوات الأخيرة، بمساعدة روسية- إيرانية، ولكن إعادة الإعمار مهمة جسيمة، قد تبلغ مئات المليارات من الدولارات في بلد منهار اقتصاديا.
وقد دمرت الحرب جزءا كبيرا من البنية التحتية للبلاد، بما فيها شبكة الكهرباء وإمدادات الوقود والمياه، كما تضررت واحدة من كل 3 مدارس، وأصبح نصف المستشفيات والعيادات والمستوصفات خارج العمل، إضافة إلى تدمير 7 في المئة من المنازل، وتضرر 20 في المئة منها، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.
وفي فبراير/شباط الماضي، دعا الرئيس بشار الأسد خلال لقائه مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، إلى بذل جهود دولية للمساعدة في الإعمار. ولا تزال الحكومة السورية منبوذة غربيا، مما يعقّد الجهود الدولية للإعمار.
وعلى الرغم من العقوبات الغربية، تتلقى الأراضي السورية الخاضعة للحكومة مساعدات دولية عبر وكالات الأمم المتحدة التي يتّخذ كثير منها دمشق مقرا له. وتدخل المساعدات من تركيا عبر باب الهوى إلى إدلب، نقطة العبور التي يضمنها قرار صادر عن مجلس الأمن بشأن المساعدات العابرة للحدود. وجرى في 13 مايو/أيار التمديد لمعبرين آخرين فتحا بعد الزلزال في فبراير/شباط الماضي.