أعلنت الحكومة الألمانية في الرابع عشر من الشهر الحالي أن روسيا تمثل "في المستقبل المنظور التهديد الأكبر للسلام والأمن في المنطقة الأوروبية الأطلسية"، كما دعت إلى اتباع نهج متوازن تجاه الصين وذلك خلال مؤتمر صحافي حكومي كشف خلاله المستشار أولاف شولتز النقاب عن أول استراتيجية شاملة للأمن القومي.
وتجسد الاستراتيجية التي تعهد التحالف الحاكم المكون من ثلاثة أحزاب بوضعها- لدى تولي شولتز منصبه نهاية عام 2021- محاولة لمواجهة أو ربما لإدارة ما تعتبره ألمانيا ارتفاعاً في المخاطر العسكرية والاقتصادية والاجتماعية بعد مضي نحو 16 شهراً على الحرب الروسية الأوكرانية، كما تؤكد على الرغبة في العمل مع شركاء أوروبيين لتطوير سياسة أمنية مشتركة بشكل أكبر، بما في ذلك المشاركة المكثفة لتحقيق الاستقرار في جوار أوروبا.
وتظهر ألمانيا وكأنها تريد البناء على أخطاء ارتكبتها خلال علاقتها بروسيا في السنوات الماضية، لا سيما لجهة اعتمادها عليها كمزود أساسي للغاز قبل الحرب. وتذهب الوثيقة الدستورية إلى اتهام روسيا بمحاولة "زعزعة استقرار الديمقراطيات الأوروبية وإضعاف الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي"، كما تتهم الصين بمحاولة إعادة تشكيل النظام العالمي الحالي مستخدمة ثقلها الاقتصادي والهجمات الإلكترونية وتهديدات المعلومات المضللة للوصول إلى أهداف سياسية. وبالرغم من اعتبار الصين شريكاً لا يمكن من دونه حل كثير من التحديات العالمية، فإن التردد الألماني في استعداء بكين مرده أهمية الصين كسوق للصادرات الألمانية ومصدر للسلع الأساسية، وقد أشار شولتز إلى إعلان صدر مؤخراً عن قادة مجموعة السبع ودعا إلى "إزالة المخاطر" بدلاً من "الانفصال" عن الصين.
ويأتي الإعلان عن استراتيجية الأمن القومي بعد يومين على انطلاق مناورة "الدفاع الجوي 23".
(Air Defender 2023)، التي تستمر حتى 24 يونيو/حزيران وتقودها ألمانيا. ويشارك في هذه المناورة عشرة آلاف جندي و250 طائرة عسكرية من 25 دولة من أعضاء الناتو والبلدان الشريكة للحلف، وتعد أكبر تدريبات لسلاح الطيران منذ تأسيس الحلف. كما ستشمل المناورات تدريبات تكتيكية وعملياتية في ألمانيا وفي جمهوريات التشيك وإستونيا ولاتفيا. ووفقاً لإيمي غوتمان، سفيرة الولايات المتحدة لدى ألمانيا، من المفترض أن تبعث هذه المناورة رسالة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين توضح "قوة الحلف وروحه".