التغيير، عنوان يلخص التوجه الاستراتيجي للمملكة العربية السعودية في مسارها الطموح نحو 2030. تدرك المملكة أن المنافسة الإقليمية والدولية لم تعد تقتصر على الانجازات الاقتصادية والسياسية فحسب، بل إن التحولات الكبرى التي شهدها العالم، أكان ذلك على مستوى التحديات الأمنية والاجتماعية والمناخية، أو على مستوى التحالفات الجيوسياسية، أو القفزات الهائلة للتكنولوجيا ولا سيما الذكاء الاصطناعي، بات يتطلب رؤية جديدة تغييرية شاملة تسعى من خلالها السعودية إلى ملاقاة هذه التحولات وإفرازاتها لوضع الأسس لغد أفضل أقل اضطرابا وأكثر انسجاما مع العصر الجديد.
يتخطى ترشحُ السعودية لاستضافة حدث "إكسبو 2030" العالمي إلى جانب ثلاث دول أخرى (كوريا الجنوبية وإيطاليا وأوكرانيا)، طموحَ إقامة معرض دولي عريق على أرضها، حيث وضعت تصاميم الـ"إكسبو"، بدءا من الموضوع المقترح "حقبة التغيير: معا نستشرف المستقبل"، إلى الموقع شمال العاصمة الرياض، ومختلف الجوانب الهندسية واللوجستية والتقنية والترفيهية والاقتصادية والسياحية والبنية التحتية الذكية والاستدامة، التي تنصهر كلها في تصور يهدف إلى ترك بصمة راسخة وإرث للأجيال وإثبات واضح على "أن مستقبلًا أكثر إشراقا واستدامة يمكن تحقيقه من قبل جميع الدول والشعوب"، كما قدمت السعودية عرضها أمام أعضاء المكتب الدولي للمعارض في باريس لخطة "إكسبو 2030" في ديسمبر/كانون الأول الماضي. فمعيار النجاح ليس فقط عدد الزوار الذين ستستقطبهم السعودية في هذه المناسبة، بل الأثر الذي يمكن أن تحدثه في نفوسهم وتطلعاتهم وآمالهم، وقدرتها على إشراكهم في منظومة الابتكار والتجديد وتحقيق التغيير المنشود، في ظل الحاجة الماسة إلى التعاون والعمل المشترك بين الدول.
منصة حوار وإبداع
تتميز المعارض العالمية بكونها منصة التقاء وتشارك وحوار بين الشعوب بهدف تفعيل التعاون والإبداع، من أجل التصدي للتحديات العالمية القائمة والمرتقبة، تطرح خلالها حزمة واسعة من الابتكارات الفريدة والجديدة من نوعها، من شأنها إلقاء الضوء على التقدم العلمي والتكنولوجي، وتتخللها نشاطات جاذبة ودامجة تهدف إلى تعزيز المعرفة واستمالة عقول عشرات الملايين من الزائرين من مختلف أصقاع الأرض.
يعتبر "وورلد إكسبو" (World Expo)، الذي يقام كل خمس سنوات ويستمر على مدى ستة أشهر، الأضخم من حيث الحجم والمشاركة الدولية، ومدته وعدد الزوار، هو جسر يعاد بناؤه كل نصف عقد في دولة مختارة، للتواصل الحقيقي بين الحكومات والشركات والمنظمات الدولية والمواطنين. وكانت أول مشاركة للسعودية في معرض "إكسبو" الدولي عام 1958 في بروكسيل، وهي دأبت منذ ذلك الحين على الحضور الفاعل فيه ، كما غيره من المعارض العالمية والمتخصصة.
تُعد المملكة أسرع اقتصادات مجموعة العشرين نموًا، بتعدادٍ سكاني يبلغ 35 مليون نسمة، وقوة اقتصادية مهمة في الشرق الأوسط.#الرياض_إكسبو2030 pic.twitter.com/o4yk5ysAY8
— Riyadh Expo 2030 (@Riyadh_Expo2030) May 24, 2023
توقيت 2030
وإذ تقيّم السعودية عاليا أهمية هذا الملتقى العالمي، فهي تخطط لإنشاء ركن في جناح المملكة، "إكسبو" C3 اختصاراً لشعار "Collaborative Change Corner"، أي "ركن التغيير التعاوني"، سيوفر عروضا حديثة تجتمع فيها ألمع العقول وتتشارك من خلالها المملكة مع شعوب العالم، الرؤى والأفكار والابتكارات والحلول الإبداعية للتحديات الوطنية والدولية.
يتقاطع "إكسبو الرياض 2030" في توقيته مع عدد من الاستحقاقات البارزة المحلية والدولية، أهمها انه يتزامن مع توقيت استكمال "رؤية المملكة 2030"، مع ما يحمل هذا الوعد من تحد ومعان وطنية سعودية، تهدف إلى تحقيق برنامج طموح للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي في المملكة وضمان انفتاحها على العالم، وهي التي تسعى إلى الإفادة من شعب فتي ذي ديناميكية وحيوية، متعطش إلى المعرفة والتقدم والريادة.