أبوظبي: أظهرت المؤشرات أن الفيلم السعودي "عياض في الرياض" احتل المرتبة الثالثة في منصة "نتفليكس" العالمية. يقول راكان مخرج وكاتب الفيلم: "الأمر كان متوقعا بالنسبة إليّ بأن يكون الفيلم من ضمن الترند في السعودية، وأتوقع أيضا أن يصل إلى المركز الأول لأنه جاء قريبا من الجمهور السعودي، ولهذا وصل إليه ولامسه، إذ لا يمكن لأحد أن يفرض نوعية المشاهدات على الجمهور".
ويوضح المخرج الإماراتي: "إنه أول فيلم سعودي من إخراجي، وقد حافظت فيه على الخط الاجتماعي الكوميدي الذي أتبعه في أفلامي، وحرصت على تقديم محتوى يحاكي كل أفراد العائلة، وهو ما يميز أعمالي التي تستهدف الصغير قبل الكبير، ليكون الفيلم متاحا لمشاهدة عائلية، مع العلم أن التخصص بالأفلام لفئة معينة قد يكون أسهل على المخرج مثل الأفلام التي تنتج لمن هم فوق 18 سنة لكن عندما أحاول أن أشمل الصغير والكبير تكون الأمور صعبة جدا، إلا إننا نجحنا وهو ما أثبتته الأرقام لأن الأرقام لا تكذب".
لم تواجهني أية صعوبات في التصوير بل كانت هناك تسهيلات كثيرة، وكذلك فشركات الإنتاج والمجاميع والبنية التحتية رائعة جدا في السعودية
التوجه إلى السينما
ليس "عياض في الرياض" الفيلم الأول الذي يحصل على مراكز أولى أثناء عرضه على "نتفليكس" يذكر راكان: "إنه الثالث من بين الأفلام التي أخرجتها، والتي حققت المراكز الأولى في المشاهدة، فقد حقق فيلم 'أزمة مالية' في 2020 المركز الأول في الإمارات، وكذلك فيلم 'ضحَي في أبوظبي' وصل للمركز الثاني، مع العلم أن هناك تنوعا في الإمارات ومن الصعب تصدّر المشاهدات بسبب تعدّد الجنسيات، لهذا أرى أن النجاح الأخير مهم وإضافة جديدة لسيرتي المهنية".
أما أحداث الفيلم التي انتزعت إعجاب الجمهور فتدور كما يستعرض راكان: "حول أب ثري منفصل عن زوجته يرسل ابنته للدراسة في الخارج، وعندما تعود هذه الشابة بعد خمس سنوات ترفض الارتباط بابن عمها، وتبدأ بالبحث عن شخص بسيط للارتباط به إلى أن تجد شابا جاء إلى الرياض للبحث عن فرصة عمل، ومن هنا تبدأ المغامرات في قالب كوميدي ساخر".
ويوضح: "شارك في الفيلم عدد من الفنانين السعوديين، على رأسهم الفنان الجماهيري محمد العيسى الذي كان داعما للمجموعة وتشجع لفكرة الخروج من الدراما التلفزيونية إلى السينما، خاصة بعد التوجه السعودي لإنتاج الأفلام، ووجدت أيضا أن الكثير من الفنانين السعوديين يملكون هذه الرغبة، منهم علي الدويان الذي يؤدي شخصية عياض كما تعاونت مع وجوه جديدة مثل بطلة الفيلم ريفال خواجي التي قدّمت أداء رائعا، وكذلك عبير السعيد التي أدت دور أم عياض.. لقد اكتشفت أنه يوجد في السعودية الكثير من المواهب المميزة".
وعن خفايا صناعة العمل، يقول راكان: "استغرق العمل على الفيلم مدة تسعة أشهر، وصورت 80% من الفيلم بالرياض و20% منه في أبوظبي، لم تواجهني أية صعوبات في التصوير بل كانت هناك تسهيلات كثيرة، وكذلك فشركات الإنتاج والمجاميع والبنية التحتية رائعة جدا في السعودية، ولكن أكبر تحد وهو لا يواجهني وحدي بل يواجه كل من يطرق باب السينما التجارية في السعودية، وهو إشكالية توزيع الأفلام فهناك موزعون يتحكمون في السوق".
ويوضح: "من الأمور التي أتمنى معالجتها ألا يكون منتج الفيلم تحت رحمة الموزع ودار العرض. فيلم 'عياض في الرياض' ظلم ظلما كبيرا في دور السينما، لقد شكل مفاجأة لي بعكس ما يحدث لدينا في دولة الإمارات، عندما ينتج فيلم إماراتي نرى أن الفيلم يعرض في خمسة وأربعين صالة عرض سينمائية من أصل خمسين صالة، لكن ما صدمني في السعودية التي يوجد فيها زهاء ستين دار عرض، أن عروض الفيلم اقتصرت على عشرين صالة سينمائية، وفي أوقات عرض بالتأكيد لا يمكن للجمهور أن يحضر فيها". ويرى راكان: "إن لم يعرض الفيلم السعودي في الصالات الرئيسية وفي أماكن يرتادها الجمهور السعودي بشكل أكبر سيؤثر هذا كثيرا على الفيلم السعودي وأناشد المسؤولين عن السينما، بأن يعامل الفيلم السعودي معاملة مختلفة، وألا يقتصر التقييم على الموزع، بل أن يترك الجمهور هو الذي يحكم".
أنا ضد الأفكار التي تنادي بأن نكون مثل الغرب، عليهم أن يتركوا للمنتجين حرية القرار بتقديم الأنسب للسينما السعودية والخليجية، في مقابل الخيار الآخر بأن نقلد الغرب ونبقى على الهامش
قضايا المجتمع
وعن واقع السينما الخليجية يرى راكان: "بما أن صناعة السينما في منطقة الخليج حديثة، فجمهورنا لا يزال يبحث عن البساطة، وفي الجهة المقابلة نرى النقاد أو الفئة النخبوية قد لا تستحسن هذه النوعية من الأفلام، إلا أني أرى أن نسبة كبيرة من الجمهور ما زالت تبحث عن البساطة. 'الترند' يأتي عن طريق البساطة، ومن خلال تجاربي السابقة استشعرت أن جمهورنا يريد هذه النوعية من الأفلام". ويبيّن: "إن بصمتي في السينما هي البساطة وتناول قضايا المجتمع فأنا أعمل بفكر مختلف، قد يكون هناك مجموعة نخبوبة تنتقد الأعمال لكن ما يهمني هو أني أعمل للجمهور لا للمهرجانات، أريد تقديم عمل يحبه الجمهور وفي الوقت نفسه تكون له قيمة ورسالة ما، أما اتهام البعض لي بالتكرار، فالجواب عليه إنه لم تكن لدينا صناعة سينما في الخليج كي نقول هناك تكرار".
ويؤكد راكان أن "السعودية تمتلك اليوم أكبر قاعدة جماهيرية، وهي السوق الوحيد القادرة على منافسة السوق المصرية، شريطة معاملة الفيلم السعودي في السعودية، مثل معاملة الفيلم المصري في مصر، أي ألا يكون الفيلم السعودي هامشيا، وهذا ما حدث تقريبا مع معظم منتجي الأفلام ولو استمر الموزعون بهذه الطريقة، فلن يكون هناك إنتاج خاص بل إنتاج مدعوم من الدولة".
ومن وحي تجربته يقول: "أردت أن أتعرف على السوق السعودية، ووجدت أن هناك اهتماما إعلاميا كبيرا وتسهيلات، والفيلم السعودي مثل بقية الأفلام الخليجية، يختلف عن الأعمال الأميركية، لذلك لا يجب تقييمه بذات النظرة إلى الفيلم الأميركي أو الأجنبي، لأننا نصنع سينما سعودية جديدة ملامحها سوف تظهر بعد عشرين أو خمس وعشرين سنة وكل ما يحدث الآن بدايات". ويضيف: "للسينما الفرنسية أسلوبها والإيرانية كذلك لها أسلوبها، وأنا ضد الأفكار التي تنادي بأن نكون مثل الأميركيين أو الغرب، بل يجب أن نترك للجمهور والمنتجين حرية الاختيار.. فالمنتجون يجب أن يقرروا ما الأنسب للسينما السعودية والخليجية في الفترات المقبلة، في مقابل الخيار الأخر بأن نقلد الأجانب ونبقى على الهامش".
وراكان وهو يتنفس النجاح الذي حققه "عياض في الرياض" يحضر لفيلم جديد يستهدف السوق السعودية أيضا. يذكر: "قد نعيد تجربة عياض مع الفنان محمد العيسى وعلي الدويان ولكن في مكان آخر، لكننا لا نعرف بعد أي مكان. لكن إن قدمنا جزءا أخر من هذا الفيلم فلن يكون في هذه السنة، وقد يكون هناك عمل مشترك أخر مع الدويان في هذا العام". ويكشف: "أعمل حاليا على فيلم سعودي سيكون أكشن بعنوان 'لوكيشن' وسيشارك معنا من فريق فيلم 'عياض في الرياض' كل من عادل الشريف ووليد الغنام، ونعمل حاليا على إصدار الموافقات لإنتاج 'لوكيشن' الذي سيصوّر بين السعودية والإمارات".