تحولت القوات المسلحة الأوكرانية– ودون أي إعلان رسمي– إلى المرحلة النشطة من الهجوم المضاد الذي طال انتظاره على عدة محاور من الجبهة. وقد بدأت هذه العملية في الواقع قبل أسبوعين، ويبدو أنه جرى تقسيمها إلى عدة مراحل مع حشد تدريجي للقوات والموارد، فرفعت كييف عدد ضرباتها ضد العمق الروسي إلى درجة عالية منذ منتصف مايو/أيار الماضي، مما يذكّرنا بصيف عام 2022 حين رفعت كييف مستوى ضرباتها قبل الهجوم الأوكراني المضاد الذي توِّج بعودة خيرسون.
والهدف الرئيس لأوكرانيا الآن هو العثور على نقاط ضعف في الدفاع الروسي واختراقه في اللحظة المناسبة، وتطوير النجاح التكتيكي إلى نجاح عملياتي. أما الغاية القصوى فهي الوصول إلى ميليتوبول وبرديانسك وتوجيه القوات نحو اليمين باتجاه القرم.
لا يجب لهذا السيناريو أن يمثل مفاجأة للجيش الروسي، بيد أن توقع ما تخطط له كييف عموما أمر، والردّ في الوقت المناسب للمناورة والسيطرة على الوضع على الأرض أمر آخر، ولدى القادة العسكريين الروس إشكالية مع هذا الأمر، وهو أمر بات يعلمه العالم بأسره بعد ما يقرب من عام ونصف العام على الحرب.
وكما يتضح من الصور ومقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، فإن الجيش الأوكراني يجمع عموما بين تكتيكات الضرب والانسحاب والمناورات على طول الجبهة مع قوات محدودة ضمن السرايا العسكرية أو ضمن مجموعات تكتيكية تحت غطاء الضربات المدفعية والصاروخية.
وقد يكون أخذ أولى اللقطات لتدمير الدبابات الألمانية ليوبارد ومركبات القتال البرادلي قد أعطى موسكو بعض الثقة بأن قواتها ستتمكن من الصمود أمام الهجوم، إذا لم نذكر الأخبار الواردة عن انضمام وحدات من الاحتياط الاستراتيجي لجهود التشكيلات الأولى من القوات الأوكرانية المتقدمة في أجزاء مختلفة من الجبهة لتوسيع نطاق الاختراق، وخصوصا من قوات الفيلق العاشر.