تمثل عودة حركة طالبان إلى السلطة محطة مفصلية في علاقة أفغانستان بالدول المحيطة بها، لا سيما إيران التي وجدت نفسها في لحظة حرجة أمام تحديات جيوسياسية تستلزم إعادة النظر في دورها الأمني والسياسي والاقتصادي. فبالتوازي مع وتيرة المكاسب الميدانية المتسارعة التي حققتها حركة طالبان على الأرض إثر مغادرة القوات الأميركية وحلفائها، استشعرت طهران تهديداً حقيقياً لمصالحها في الدولة الجارة ووجدت نفسها أمام استحقاق البحث عن سبل لديمومتها والاستعداد لمواجهة السيناريوهات المحتملة.
وكان وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف قد افتتح يوم 7 يوليو/تموز 2021 في طهران لقاء أفغانيا بين ممثلين عن حكومة كابول وحركة طالبان، في مسعى لتقريب وجهات النظر وتجاوز الأزمة الأفغانية التي رجح أن تكون تداعياتها سلبية على دول الجوار ومصالحها. وقال ظريف أمام الوفدين إن "العودة إلى المفاوضات الأفغانية والتزام الحلول السياسية يشكلان الخيارات الأفضل لقادة أفغانستان وحركاتها السياسية"، مؤكداً "استعداد إيران للمساهمة في الحوار بين مختلف الأطراف لحل النزاعات والأزمات التي تشهدها البلاد".
إن مسارعة إيران إلى جمع الطرفين الأفغانيين للحوار إثر إخلاء قاعدة باغرام الجوية من قبل القوات الأميركية، لم تكن بدافع البحث عن حلول للأزمة، بقدر ما كانت محاولة لاستكشاف النوايا واستخلاص ما يمكن أن يساعد على ترتيب الأولويات من جديد في الداخل الأفغاني. وفي خطوة عكست في حينه التوجس الإيراني من التقدم الميداني الذي أحرزته طالبان وخطره على مصالحها حذر حسام رضوي مدير عام مكتب الشؤون الخارجية لوكالة أنباء "تسنيم"، إحدى أذرع الحرس الثوري الإيراني الإعلامية، شيعة الهزارة في أفغانستان من التطوع للمشاركة في الحرب ضد طالبان، وذلك بالتزامن مع مهاجمة طالبان الشمال الأفغاني لقطع تواصل الأقليات الأفغانية مع جمهوريات وسط آسيا التي شكلت في السابق حديقة لإيران.