من جديد، يتبوأ بوريس جونسون صدارة الأخبار في بريطانيا، ففي النهاية، هو أكبر من الحياة. إنه الرجل القوي. من المعروف أن جونسون من أشد المعجبين بتشرشل، وبدا في بعض الحالات أنه يتقمص زعيم الحرب في سلوكه الجسدي، في انحدار عنيد لشخصية ونستون للسير في الشوارع المليئة بالحركة. ومع ذلك، عندما كانت سلطته كرئيس للوزراء مهددة، سُمع جونسون يحاجّ بأنه كان الفوهرر البريطاني. لا بد أن تشرشل كان يتلوّى في قبره أسرع من مصادم الهدرونات الكبير.
ما الذي يمكن استخلاصه، إذن، من السقوط الغامض للفوهرر؟ تم استدعاء كبار المحللين والمعلقين السياسيين، وهم يتلفظون الشتائم من بين أسنانهم الحادة، للعودة من عطلاتهم لشرح ما يجري. سارعت بيث رِغبي، أفضل محللي "سكاي نيوز"، إلى اغتنام الفرصة باقتباس كبير لمثل هذه المناسبة الكبيرة، قائلة إن الرجل العظيم ذهب "ليس وهو يئنّ، ولكن وهو يهدر". وبالنظر إلى سمعة جونسون الفاضحة إلى حد ما، فإن المرء يمكنه اعتبار أن تلك العبارة كانت جريئة بعض الشيء من طرف الصحافية. لكنه كان في الحقيقة مجرد تأكيد على أننا في الموسم الصحافي الذي تندر فيه الأخبار الكبيرة، وحتى أنصار جونسون الخلّص لن يتمكنوا من الحفاظ على صوابهم وها هم يهرفون بأن استقالة رجل الأمس كانت نهاية العالم.
ومع ذلك، أفترض أن الأمر قد يبدو بهذا الشكل بالنسبة للمختصين. ولا ننسينّ أن بوريس جونسون، بعد أن تعلم كل حيله كصحافي بأجر مرتفع جدا، احتفظ بعدد كبير من أعضاء مهنته القديمة (الصحافة) في مجال الأعمال التجارية على مر السنين، حتى إنه أورث بعضهم مكانة عالية في عالم الصحافة. حسنا، من ذا الذي يستطيع، في عائلتي على الأقل، أن ينسى مشهد سام كوتس وهو يجر عربة بعجلات أسفل وايتهول في إعادة بناء للخطوات التي سارها حجاج مقر رئيس الوزراء في 10 داونينغ ستريت؟ لا بأس، أعترف أن هذا سيكون مجرد تفضيل شخصي لدي. ولكن اليوم، على الرغم من ذلك، بعد أن ينفض هؤلاء المحللون السياسيون ذكرى إجازاتهم وكراسي الاستلقاء على الشاطئ، فقد نغفر لهم خجلهم من كرم رئيس الوزراء السابق:
"هديتان ثمينتان في وقت واحد، يا بوريس؟ قائمة تكريم لفضح الوطن وخطاب استقالة؟ أنت تفسدنا. ما كان ينبغي أن تعذب نفسك".
فيرد: "هذا أقل الواجب!".