طريق مسدود
لقد وصلنا إلى طريق مسدود بعد أقل من شهر من هجمات الغوطة. بعد ذلك، ادعت موسكو أنها ستضمن تخلي سوريا عن جميع أسلحتها الكيماوية، وبالتالي حفظ ماء وجه أوباما. لحقت بكيري في الوفد للتفاوض على الصفقة مع الروس في جنيف أواخر شهر سبتمبر/أيلول. وقاد مساعد وزير الخارجية لشؤون عدم التسلح توماس كانتريمان فريقنا الفني في الوفد، وسمعت منه، وهو صديق قديم، خلال المحادثات أن الأميركيين يملكون معلومات فنية حول الأسلحة الكيماوية السورية أكثر من الوفد الروسي الذي كان سياسيا في الأساس. لم أكن أثق في الروس، وسألت كيري كيف يمكننا التأكد من أن الروس سيقبلون باتخاذ إجراء ضد الأسد في حال انتهاكه الاتفاق. ردّ كيري بأن الروس قد يوافقون صراحة على الإشارة إلى اتخاذ مجلس الأمن إجراء بموجب نص اتفاق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة. يمكنك أن تجده كمرجع في الفقرة 21 في آخر فقرة من قرار رقم 2118 عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الصادر في أكتوبر/تشرين الأول 2013، والذي حدد شروط القضاء على البرنامج الكيماوي السوري، ما ينص على معاقبة سوريا إذا انتهكت الاتفاق.
وصرّح أوباما في وقت لاحق بأن قراره بعدم شنّ ضربات ضد سوريا هو أحد أكبر نجاحاته كرئيس. وكان لديه ثلاثة مبررات. الأول، سألَنا أوباما كيف يمكننا التأكد من أن الأسد في وضعه اليائس لن يستمر في استخدام الأسلحة الكيماوية وبالتالي يجبرنا على التصعيد ضده من جديد. لم يكن لدينا تصور نقدمه للرئيس عن المدى الذي سيتعين علينا التصعيد للوصول إلى ردع الأسد. لقد كانت هنالك احتمالية خطيرة بأن العمل العسكري الأميركي المطلوب قد يكون أكبر من كونه صغيرا ومحدودا. والدرس المؤكد من العمليات العسكرية في أفغانستان والعراق وليبيا هو أن هناك دائما مشاكل لا يمكن توقعها.
وبالطبع، فقد لعبت السياسة الأميركية أيضا دورا كبيرا في تشكيل طريقة تفكير أوباما. لقد كانت انتقادات الحزب الجمهوري ضد سياسات أوباما الداخلية والخارجية شرسة. وقد أراد أوباما أن يتحمل الجمهوريون بعض المسؤولية عن الضربات، حيث كان يأمل في أن تؤدي الدعوة إلى إجراء تصويت إلى تحجيم الجمهوريين بحيث لا يمكنهم الانتقاد مستقبلا في حال أصبح العمل العسكري عبئا ثقيلا. ولكن الواقع السياسي كان أن الجمهوريين لن يكفوا عن انتقاد أوباما أيا ما كان القرار الذي سيتخذه. وقد حذر بعض الجمهوريين، مثل عضو الكونغرس جوزيف ويلسون، من أنه إذا استخدم أوباما القوة العسكرية من دون ضوء أخضر من الكونغرس، فسوف يسعى لعزله. وبما أن الجمهوريين حصلوا على الأغلبية في مجلس النواب، وأن عملية سحب الثقة وفقا للدستور الأميركي تبدأ في مجلس النواب، فإن أوباما لم يستطع تجاهل هذا التهديد.
وحتى أوباما، كونه محاميا، لم يكن مرتاحا لفكرة وجود رئيس يتجاهل مجلس النواب ويبدأ حربا بمفرده. وكان أوباما قد انتقد قبل ذلك بوش الابن لذهابه بعيدا جدا وبدء الحرب في العراق دون إجراء نقاش جدي في الكونغرس.
تذكر أوباما المشكلة نفسها التي حدثت أثناء التصعيد في فيتنام عام 1965-1966. على وجه الخصوص، إذا امتد العمل العسكري في سوريا مع الحكومة السورية التي قد تستخدم المزيد من الأسلحة الكيماوية، حيث اعتقد أوباما أنه يجب أن يكون للكونغرس دور في التوجه السياسي للولايات المتحدة.
وهكذا شعر أوباما بأنه كان مصيبا عندما ادعت الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، في نهاية عام 2014 أنهما أكملا تدمير برنامج الأسلحة الكيماوية السوري وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2118. ومع ذلك، في عام 2016، قالت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية إن الحكومة السورية لم تكشف عن جميع أسلحتها ومنشآتها الكيماوية. والأسوأ من ذلك أن فرق خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية اتهمت في وقت لاحق الحكومة السورية بكونها وراء هجمات خان شيخون واللطامنة في عام 2017، وهجمات سراقب ودوما في عام 2018. وقد أسفرت تلك الهجمات عن مقتل 120 مدنيا على الأقل.
وعلى الرغم من الوعد الذي قطعه الروس لكيري في جنيف شهر سبتمبر/أيلول 2013 بشأن المادة 21 من قرار مجلس الأمن الدولي 2118، لم تتوانَ روسيا عن استخدام حق النقض ضدّ كل جهد غربي لمعاقبة الأسد على هذه الانتهاكات. ومع ذلك، يقول أوباما وحلفاؤه السياسيون إن هجمات الأسد الكيماوية كانت ستصبح أسوأ بكثير لو لم تُدمَّر معظم قدرات الأسلحة الكيماوية للأسد عام 2014. وبينما أراجع التاريخ هنا، لا أعتقد أنني أشارك هذا الرأي أصحابه، فقد قلل الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية فقط لأنه لم يكن في حاجة إليها بقدر ما كان في عام 2013، لأن تدخل القوات الجوية الروسية حوّل التوازن العسكري لصالح الأسد.