في العاشر من يونيو/حزيران العام 2000، رحل الرئيس حافظ الأسد، وبدأت مرحلة جديدة في تاريخ سوريا المعاصر، تسلم فيها الرئيس بشار الأسد الحكم. خلال نحو ربع قرن، تغيرت المنطقة كثيرا، لكن حجم التغيير الأكبر كان في سوريا، في خريطتها الداخلية وفي دورها وتركيبتها.
في تلك الفترة، كان عبد الحليم خدام نائبا للرئيس السوري، وبقي في منصبه إلى العام 2005، عندما أعلن في مؤتمر حزب "البعث" الحاكم، استقالته "من جميع المناصب السياسية والحزبية" تمهيدا لخروجه من السلطة ومن البلاد، ليعلن انشقاقه في باريس وقتذاك.
عن تلك الفترة، تنشر "المجلة" فقرات محررة من يوميات خدام وروايته، التي حملها معه إلى باريس، تضمنت مضمون اتصاله الأخير مع الأسد قبل رحيله في 10 يونيو 2000:
قبل وفاة الرئيس حافظ الأسد بأسبوع كنت على موعد معه، وصباح نهار الموعد، اتصل بي وأبلغني بأنه تعب، وسيلتقي بي بعد بضعة أيام بعد أن يرتاح.
في العادة، كنت أذهب إلى بانياس، على الساحل غرب البلاد، أيام العطل الأسبوعية، فاتصلت بالرئيس صباح الأربعاء في السابع من يونيو/حزيران من العام 2000 لأسأله إذا كان لا يستطيع مقابلتي، فسأذهب إلى بانياس، وجرى الاتصال، وجرى حديث مطوّل على الهاتف عن الصحة لا سيما عندما يتقدم العمر بالإنسان. وقال: "أنت وحدك عرفت كيف تعتني بصحتك. في وقت، جسمي (جسدي) أنا وغيري من رفاقنا "اهتروا" (تآكلوا) من الإهمال وعدم الاهتمام بصحتهم. أنت منذ مرحلة الشباب تمارس الرياضة وتذهب إلى البحر وتصعد إلى بلودان، في ريف دمشق".
فأجبته: "ألا تذكر كم كنت أنصحك من أجل الراحة وضرورة الإجازة بعض الوقت في الأسبوع وفي السنة. نصحك الأطباء بعد تجاوزك الأزمة القلبية بوجوب الراحة وعدم الإكثار من العمل. كنت تمارس مهامك كرئيس جمهورية كما كنت تمارس أعمال رؤساء أجهزة الأمن، لقد وضعت أمور الدولة ومؤسساتها عبئاً عليك، وكان من المفترض أن توزع بعض صلاحياتك الأساسية على نوابك وعلى الحكومة". فقال: "هذا صحيح لقد حملت أعباء أكثر من طاقتي". وتحدثنا عن مرض رئيس الأركان السابق العماد حكمت الشهابي ومعاناته (توفي العام 2013). استمر الحديث أكثر من نصف ساعة، وسألني عن موعد عودتي من بانياس، فأجبته: "سأعود صباح السبت". فقال: "عندما تصل (الى دمشق)، اتصل بي".