قبل ثلاث سنوات، كانت الميليشيات التي تدعمها إيران في العراق تمطر السفارة الأميركية في بغداد بالصواريخ وقذائف الهاون. فاتخذت إدارة الرئيس دونالد ترامب في صيف عام 2020 خطوة غير مسبوقة بهدف حماية الموظفين الأميركيين بأن نقلت نظاما مضادا للصواريخ وللمدافع ولقذائف الهاون المعروف بـ"سي رام" (C-RAM) إلى المجمع الدبلوماسي. وفي الأشهر التالية، أسقط نظام "سي رام"، والذي يطلق ما يصل إلى 4500 رصاصة بطول 5 بوصات في الدقيقة، العشرات من المقذوفات القادمة باتجاه المواقع الأميركية.
تغيرت هذه الديناميكية مع مجيء إدارة بايدن، التي ما إن تسلمت زمام الأمور حتى ألغت حملة "الضغط الأقصى" التي كان ترامب قد شنها ضد إيران، وانخرطت بدل ذلك في مفاوضات مع الحكومة الدينية في طهران بهدف إعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي. وتراجع إثر ذلك استهداف السفارة الأميركية في بغداد والـ2500 جندي أميركي المتمركزين في العراق خلال العام الماضي. وعلى الرغم من المظهر الخادع لتحسن الوضع الأمني، فإن التهديد الذي يتعرض له أفراد وجنود الولايات المتحدة ومصالحهم في العراق يتزايد مرة أخرى على ما يبدو.
وظهرت أحدث علامات الإنذار في منتصف شهر مايو/أيار، بعدما أعلن الرئيس بايدن استمرار حالة "الطوارئ الوطنية" في العراق بموجب قانون السلطات الاقتصادية الدولية للطوارئ (IEEPA)، الذي كان لإعلانه تأثير أقلق بعض الميليشيات الموالية لإيران، ومنها قوات "الحشد الشعبي"، وكذلك فعلت مقابلة تلفزيونية سابقة أجريت مع السفيرة الأميركية في العراق ألينا رومانوفسكي، التي أكدت فيها ببساطة أن الولايات المتحدة لن تغادر المنطقة.
وفي أعقاب هذه التصريحات، أصدرت مجموعة مرتبطة بقوات الحشد الشعبي، وتدعى "أصحاب الكهف"، بيانا تحث فيه على استئناف العمليات العسكرية ضد "قوات الاحتلال" الأميركية في العراق، بما يشمل قواعدها وقوافلها. وهددت الميليشيات لاحقا، قائلة: "نحن بحاجة فقط لأن نعثر عليكم في المكان المناسب"، ولكن "جميع الأوقات مناسبة". كما دعت المنظمة قواتها عبر رسالة على "تلغرام" إلى "إسكات الشيطان"، في إشارة تهديد إلى السفيرة رومانوفسكي.