من أجل معالجة هذه المشكلة، اعتمدت لندن مبادرات عدة للحد من الهدر وتعزيز الإنتاج والاستهلاك المستدامَين للأغذية.
قاد رئيس بلدية لندن و"ري لندن" و"مؤسسة إيلين ماك آرثر" العمل مع الأطراف المعنيين لإنشاء "مبادرة الأغذية الرائدة". وبعد البحث والتخطيط، أطلقت "ري لندن" بصمتها الغذائية في لندن والتي تضم 20 قطاعا ذا أولوية للمعالجةفي العاصمة.
تستند هذه المعالجات إلى استراتيجيا غذائية للبلدية تضع رؤية لنظام غذائي صحي منصف ومستدام في لندن. كذلك تشهد لندن مشروع "ترايفوكال" (إحداث تحول في العادات الغذائية في المدينة مدى الحياة) الذي يهدف إلى زيادة الوعي بين سكان المدينة عن كيفية منع هدر الأغذية، وإعادة تدوير الفضلات الغذائية التي لا يمكن تجنبها، واعتماد عادات غذائية صحية ومستدامة.
كذلك يؤدي القطاع الخاص وقطاع الجمعيات الخيرية دوراً مهماً مع "مشروع فيليكس" الرائد لجمع الأغذية الفائضة من الموردين وتسليمه إلى الجمعيات والمدارس التي توفر وجبات غذائية للمحتاجين. بالإضافة إلى ذلك، ترتبط سلسلة "بريت" للمقاهي بمنظمات خيرية محلية لتوفير فائض الأغذية في المسعى ذاته.
الأغذية عامل رئيسي لرفع معدلات إعادة التدوير
تُعَدّ إيلينغ، المقاطعة الواقعة في غرب لندن، إحدى أفضل المناطق الإدارية في العاصمة على صعيد إعادة التدوير، بعدما قطعت خطوات كبيرة في تحسين أدائها في هذا المجال. وبلغت معدلات إعادة التدوير في المنطقة الإدارية مستويات قياسية لامست 53 في المئة، ولا تزال المنطقة ثاني أفضل المناطق أداء في العاصمة كلها، إذ تحقق أداء أعلى بكثير من المتوسط الذي تسجله لندن بشكل عام.
تقدم المنطقة الإدارية خدمة إعادة تدوير شبه شاملة، تبدأ عند أبواب المنازل. والعامل الرئيسي في التوصل إلى معدل مرتفع لإعادة التدوير، هو التشجيع على العادات الإيجابية خلافا للعادات السلبية، مما يؤدي إلى إعادة تدوير الفضلات الغذائية والاستهلاكية بدلاً من إرسالها مع النفايات الأخرى غير المعاد تدويرها.
ساهمت عمليات جمع النفايات الأسبوعية المتواترة، إلى جانب الجمع الأسبوعي المتواصل للفضلات الغذائية، في جعل السكان المحليين يعيدون النظر في إنتاج الفضلات الغذائية والتخلص منها، مما رفع معدل إعادة تدوير هذه الفضلات بنسبة 50 في المئة تقريباً بعد التغييرات التي بدأ العمل بها قبل بضع سنوات.
المدن تقود المستقبل الدائري؟
تتمتع المدن بوضع فريد يمكنها من الدفع في اتجاه التحول العالمي نحو اقتصاد دائري. توفر المدن مخزونا كبيراً من المعرفة يمكن استخدامه لتعزيز استدامتها، إلى جانب تمتعها بنسبة كبيرة من الموارد ورأس المال، والبيانات والمواهب ضمن إطار جغرافي محدود نسبياً.
تشير "مؤسسة إيلين ماك آرثر" إلى أن بناء اقتصاد دائري في المدن يمكن أن يحقق فوائد اقتصادية واجتماعية وبيئية هائلة. وإذا تمكنا من الحد من الازدحام، وانهاء الهدر، وخفض التكاليف، فستسمح زيادة الإنتاجية الاقتصادية والنمو الجديد للمدن بالازدهار.
للمدن والمناطق دور أساسي في التحول من "الاقتصاد المستقيم" التقليدي إلى "الاقتصاد الدائري"، إذ إنها مسؤولة عن السياسات الرئيسية في الخدمات العامة المحلية، مثل النقل والنفايات الصلبة والمياه والطاقة، التي تؤثر في أسلوب معيشة المواطنين والنمو الاقتصادي والجودة البيئية.
تؤدي لندن دوراً قيادياً، لكن لا يزال أمامها عمل كثير تضطلع به.