ثمة أندية في كرة القدم لديها قواعد جماهيرية عريضة تمتد في شتى أصقاع الأرض، يشكل اسم البعض منها في حد ذاته علامة تجارية، وقيمة رياضية وثقافية واجتماعية في الوقت عينه. فلدينا على سبيل المثل "المدريديستا" نسبة الى فريق ريال مدريد الإسباني، و"البرشلونيستا" نسبة الى فريق برشلونة الإسباني، و"الميلانيستا" (اي سي ميلان الإيطالي) و"الإنتريستا" (إنتر ميلان الإيطالي) وغيرها الكثير. كذلك الحال بالنسبة الى نجوم هذه الرياضة التي تسحر ألباب الملايين حول العالم، ولا سيما أولئك الذين يعدون بمثابة أساطير أو معبودي الجماهير مثل الأرجنتيني ليونيل ميسي، والبرتغالي كريستيانو رونالدو حاليا. وقبلهما الفرنسي زين الدين زيدان والبرازيلي رونالدو. وطبعا البرازيلي بيله، والأسطورة الأشهر الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا الذي يوصف بأنه أعظم من لمس كرة القدم على الإطلاق.
لكن أن يكون هناك مدرب لديه شعبية جارفة، وقاعدة جماهيرية واسعة تنتشر في مختلف أرجاء المعمورة، مثلما هي الحال مع البرتغالي جوزيه مورينيو الذي يشتهر مشجعوه بـ"المورينيستا"، فهذا ما يمكن اعتباره ظاهرة. ومع أن المدربين في العادة هم أقل شهرة في عالم كرة القدم، قياسا باللاعبين، إلا أن جوزيه يعد واحدا من أكثر النجوم توهجا في عالم الساحرة المستديرة، حتى إن اسمه يتقدّم اسم الفريق الذي يدربه، مهما كانت حجم شهرته وجماهيريته. فيقال عندها فريق كذا يواجه مورينيو. أي أنه يختزل الفريق وتاريخه ونجومه به وحده.
مع أن المدربين أقل شهرة قياسا باللاعبين، إلا أن جوزيه يعد واحدا من أكثر النجوم توهجا في عالم الساحرة المستديرة، حتى إن اسمه يتقدّم اسم الفريق الذي يدربه، مهما كانت حجم شهرته وجماهيريته. فيقال عندها فريق كذا يواجه مورينيو
صانع الحدث
بلا شك هو المدرب الأكثر إثارة، إذ أينما حل يصنع الحدث، وكذلك الجدل والصخب والأزمات. وينقسم إزاءه عشاق كرة القدم بشكل عمودي الى فسطاطين: إما معه أو ضده. تلاحقه الشائعات وتترصده الصحافة في كل تصرف وتلميحة وإيماءة. يكفي أن تدير محرك البحث وتضع اسمه لتجد عشرات المقالات عنه. هو الحاضر بشكل شبه دائم في النقاشات الكروية على شبكات التواصل الاجتماعي. لكنه في الآونة الأخيرة صار "ترند" نتيجة مسيرته المظفرة مع فريق روما الإيطالي في الدوري الأوروبي وبلوغه النهائي. كل خبر عنه أو تصريح له، أو تحليل أو نقاش كروي على شبكات التواصل الاجتماعي، يأتي متبوعا بمئات بل آلاف التعليقات، خاصة حينما يقوم أحدهم بالسخرية منه، فتنهال عليه التعليقات من "المورينيستا".
والحال أن جوزيه مورينيو ليس ظاهرة كروية فحسب، بل شخصية فذة وملهمة، وصاحب مسيرة تشكل إرثا ونموذجا يقتدى في مختلف العوالم والمجالات، وبخاصة لدى الأجيال الناشئة التي يواجه شطر واسع منها مشاكل عميقة في التردد والقلق وانعدام اليقين في خياراتهم. وكذلك للأشخاص في الفئة العمرية بين 30 الى 40 عاما الذين يدفعهم الفشل في بعض التجارب الحياتية الى الامتناع عن الحلم وفقدان الشغف.
عداوة أهل الكار
يعتبر مورينيو أحد أعظم المدربين في التاريخ. يحتل المركز الخامس على صعيد أكثر المدربين تتويجا بالألقاب عبر التاريخ بـ26 لقبا، منها 5 ألقاب أوروبية، و21 محلية تتوزع بين البرتغال وإنكلترا وإيطاليا وإسبانيا. علاوة على كونه المدرب الوحيد الذي فاز بالبطولات الأوروبية الثلاث: دوري الأبطال، الدوري الأوروبي، دوري المؤتمر الذي انطلق في العام الماضي.
اختاره الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، أفضل مدرب في العالم عام 2010، واختاره الاتحاد البرتغالي عام 2015 مدرب القرن في البرتغال. كما اختير من بين أعظم 10 مدربين في عصر الاتحاد الأوروبي. بالإضافة الى الكثير من الجوائز الفردية والأرقام القياسية المدونة باسمه. في عام 2011 دخل قائمة الـ50 رجلا الأكثر شعبية على ظهر البسيطة التي تصدرها مجلة "AskMen" البريطانية واحتل المركز 25، وكان الرياضي الخامس في القائمة. كما اختاره "برنامج الأغذية العالمي" التابع للأمم المتحدة سفيرا للبرنامج لمكافحة الجوع في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، من أجل استغلال شهرته الطاغية لرفع الوعي في شأن عمل البرنامج. شهرته الواسعة دفعت بالعديد من الشركات العالمية، "مثل سامسونغ" و"أميركان اكسبرس" و"براون" و"جاغوار" و"أديداس" الى التعاقد معه للظهور في حملاتها الإعلانية والترويجية، وهو أمر نادر في عالم المدربين.
مع ذلك، ثمة اختلاف كبير بين المشجعين والنقاد حول تقييم مسيرته ونهجه وأساليبه. إلا أن النجاحات التي حققها مورينيو فتحت باب الشهرة والمجد أمام نوع جديد من المدربين بعدما كان موصدا دونهم لعقود خلت. في السابق كان التدريب في عالم كرة القدم وخاصة الفرق الكبيرة محصورا في نوعين من المدربين: النجوم السابقون، ولاعبون لعبوا في فرق مغمورة. لكن مورينيو انفرد بكونه أول مدرب في العصر الحديث يتولى تدريب الفرق الكبرى في أوروبا دون أن يحترف كرة القدم على الإطلاق، بل إن مسيرته في عالم الشهرة انطلقت في سن متأخرة، بعد تجاوزه الثلاثين، وإن كانت هي سن مبكرة في عالم التدريب لكنه انطلق من "صفر خلفية كروية". نجاح نموذج مورينيو دفع بأشخاص آخرين لم يمارسوا اللعبة لأسباب شتى الى اقتحام هذا العالم المثير الذي كان محظورا عليهم.
مورينيو ليس ظاهرة كروية فحسب، بل شخصية فذة وملهمة، وصاحب مسيرة تشكل إرثا ونموذجا يقتدى في مختلف العوالم والمجالات، وبخاصة لدى الأجيال الناشئة التي يواجه شطر واسع منها مشاكل عميقة في التردد والقلق وانعدام اليقين في خياراتهم
مدربون ألهمهم مورينيو
نذكر منهم الإيطالي ماوريزيو ساري الذي كان موظفا في مصرف، وترك وظيفته من أجل شغفه وولعه بخطط وتكتيكات كرة القدم. فعكف على تطوير نفسه بمجهود ذاتي، ونجح بعدها في فرض اسمه واحدا من أبرز المدربين الإيطاليين، حيت تولى تدريب فرق نابولي ويوفنتوس ولاتسيو في إيطاليا، وتشيلسي في إنكلترا. واستطاع ساري ترك بصمة خالدة له في عالم التدريب، وذلك عندما قام بتطبيق 33 تكتيكا مختلفا في مباراة واحدة حينما كان يدرب فريق نابولي، وهو أمر غير مسبوق، علاوة على كونه صعبا جدا. مذاك لُقب بـ"مستر 33". لكنه خلال مسيرته تعرض الى كل ما تعرض له مورينيو على الرغم من أنه ليس مشاغبا أو مثيرا للجدال مثله. وذلك نابع من عداوة أبناء الكار التقليدية، من لاعبين سابقين ومدربين تجاه الدخلاء والوافدين الجدد. حتى النقاد والصحافيون لم يتقبلوا دخول نموذج جديد، وهذا أمر مألوف في كل القطاعات وليس في كرة القدم وحدها.
كذلك أيضا لدينا البرتغالي أندره فيلاش بواش الذي كان يعمل ضمن الجهاز الفني لمورينيو وهو دون الثلاثين حيث توقف عن ممارسة اللعبة باكرا بسبب الإصابة. وقد رأى العديد من النقاد أنه "مورينيو الجديد"، حيث تولى تدريب بورتو وحقق معه نجاحا، وانتقل بعدها الى تدريب فريق تشيلسي تماما مثل أستاذه. لكن نجاحه لم يعمر كثيرا، بعدما أقيل من الفريق اللندني، وخرج بعدها من عالم الشهرة، وانتقل الى تدريب فرق عدة لم ينل فيها نصيبا من النجاح.
النموذج الأخير هو الألماني جوليان ناغلسمان الذي توقف عن اللعب باكرا جدا بسبب الإصابة، ويمم وجهه شطر التدريب، فدرس العلوم الرياضية مثل جوزيه، ليتولى بعدها تدريب فريق الشباب بنادي هوفنهايم الألماني ويحقق معه بطولة الدوري. اختارته إدارة النادي لتدريب الفريق الأول وعمره 28 عاما فقط، ليصبح أصغر مدرب في تاريخ الدوري الألماني على الإطلاق. ونجح ناغلسمان في فرض نفسه واحدا من أبرز المدربين الصاعدين في ألمانيا خلال مسيرته مع هوفنهايم ثم لايبزيغ الألمانيين، ما دفع بالعملاق البافاري بايرن ميونيخ أبرز وأشهر فرق ألمانيا/ الى التعاقد معه. وعلى الرغم من النجاحات التي حققها إلا أن غياب الدعم من بيئة البايرن جعلت إدارة النادي تقيله بطريقة مفاجئة جدا منذ شهر ونيف. ولا تزال آثار هذا القرار تتفاعل إلى يومنا هذا، بعد الانحدار الكبير في مسيرة الفريق ونتائجه، إذ ثمة توجه إلى إقالة الرئيس التنفيذي للفريق ومديره بسبب هذا القرار الخاطئ.
من الملاحظ أن النجاحات المذهلة التي حققها مورينيو في مسيرته حفزت إدارات الفرق على التعاقد مع مدربين واعدين أتوا من خارج منظومة كرة القدم. وعندما بدأت مسيرة مورينيو بالاهتزاز انعكس ذلك بشكل سريع على مسيرة باقي المدربين الذين يشبهونه. لكن اللافت هو إطلاق وصف "مورينيو الجديد" على أكثر من نموذج صاعد في دلالة واضحة على مدى تأثيره. وهذا ما لم ينجح أحد من المدربين في الوصول اليه بمن فيهم الإسباني غوارديولا الملقب بـ"الفيلسوف".
الفاشل الذي صار مترجما... فمدربا
هو جوزيه ماريو دوس سانتوس مورينيو فيليكس. ولد في 26 يناير/كانون الثاني 1963، ويبلغ من العمر 60 عاما. والده كان حارس مرمى منتخب البرتغال، ولعب في أندية برتغالية عدة. والدته كانت سيدة أعمال مرموقة. رغب الوالد أن يقتفي نجله أثره، وأن يحترف كرة القدم، في حين أن والدته أرادت أن يصبح رائدا في مجال الأعمال، أو أكاديميا مرموقا. بيد أن جوزيه فشل في تحقيق أي من ذلك. فهو لم يحترف كرة القدم، ولعب في مطلع شبابه لسنوات قليلة في فرق مغمورة. ثم توقف عن ممارسة اللعبة قبل بلوغه سن العشرين بعدما اكتشف أنه لا يملك لا الشغف ولا الموهبة، كما أنه لم يكن مشغوفا كذلك بمتابعة تعليمه. لكنه لم ييأس ويتوه بين الخيارات والتجارب. بل تحول الى دراسة العلوم الرياضية في جامعة لشبونة التقنية، بعدما أدرك أن مستقبله سيكون في عالم التدريب، وذلك غداة اكتشافه الميول التدريبية والخططية التي يمتلكها، نتيجة عمله لبعض الوقت في مساعدة والده الذي انتقل إلى التدريب بعد الاعتزال. أمضى 5 سنوات مدرسا، منتظرا أن يحصل على فرصة ما.
الى أن أتت هذه الفرصة عام 1992، حينما عينه فريق سبورتينغ لشبونة مترجما للمدرب الإنكليزي السير روبرت ويليام روبسون المعروف باسم بوبي روبسون. أعجب الأخير بشخصيته وقدراته الفذة وطلاقته في الحديث بست لغات، البرتغالية، الإسبانية، الكاتالونية، الفرنسية، الإنكليزية والإيطالية. فاصطحبه معه كمترجم عند انتقاله في العام التالي الى تدريب فريق بورتو، أبرز وأشهر الفرق في البرتغال. هناك زادت ثقة روبسون في المترجم المحنك والجريء. اصطحبه معه مرة جديدة عند انتقاله الى تدريب فريق برشلونة عام 1996 أحد عمالقة كرة القدم في إسبانيا والعالم وكان جوزيه يبلغ من العمر وقتها 33 عاما. يقول عنه روبسون: "هناك أمر أعجبني فيه، أي شيء أطلبه من اللاعبين أشعر بقوة دوما أنه سيقول لهم ما قلته تماما، وبالطريقة نفسها التي ذكرتها".
كان انتقال مورينيو الى برشلونة نقطة التحول الكبرى الأولى في حياته الرياضية، ولا سيما أن روبسون جعله مساعدا ثانيا له وليس مترجما فقط. تزامن ذلك مع تحول آخر كان يعيشه فريق برشلونة في ذاك العام بعد خروج الأسطورة الهولندية يوهان كرويف من تدريب الفريق، واعتزاله التدريب بالكامل. لذا رحل روبسون بعد سنة واحدة بسبب عدم تقبل البيئة الكاتالونية له ولفلسفته الكروية التي تختلف عن تلك التي أرساها كرويف، والتي صارت إرثا كرويا وهوية برشلونة التي يتمايز فيها عن جميع الفرق في عالم المستديرة. حل مكانه هولندي آخر هو لويس فان غال الذي كان قاد فريق أياكس الهولندي للفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا عام 1995.
وثق فان غال المدرب الصارم بالشاب مورينيو، وكلفه متابعة الفرق المنافسة لاكتشاف نقاط القوة والضعف فيها. وهذا ما سيكون له أثر بالغ في مسيرته في ما بعد. يقول عنه النجم البلغاري الشهير هريستو ستويشكوف، الذي لعب لبرشلونة سنوات عدة، آخرها كانت السنة التي قدِم فيها مورينيو الى برشلونة: "لقد شاهدت مورينيو لمدة عام، إنه رجل نمطي يشرف على كل شيء، بما في ذلك غرفة تغيير الملابس وحافلة الفريق وكيف تسير الأمور داخل النادي. وهذا هو السبب الذي جعله شخصية صارمة، فهو يريد أن يسير كل شيء على ما يرام بنسبة 100 %، سواء في غرفة تبديل الملابس أو من حيث الالتزام والتنظيم الجيد". هذه القيم والصفات بقيت ملازمة لمورينيو طوال مسيرته وبها يتميز ويشتهر. ولديه تصريح يقول فيه: "برشلونة نادٍ لديه فلسفة جميلة في لعب كرة القدم، وفي العمل داخل النادي، وكذلك في المنافسة، وقد كنت قريبا من كل ذلك، وتعلمت الكثير".
كانت أولى تجارب مورينيو التدريبة مع الفريق الرديف لبرشلونة لأشهر قليلة، وفي كل الأحوال استمر في مهامه المتعددة في فريق برشلونة لثلاث سنوات. ثم قفل بعدها عائدا الى بلاده منتظرا أن تتاح له فرصة كي يصبح مدربا أصيلا ويحقق طموحاته وشغفه. لذلك رفض عرضا من السير روبسون بالعمل معه مرة جديدة كمساعد في تدريب فريق أيندهوفن الهولندي. أتت الفرصة عام 2000، حينما عينه فريق بنفيكا، القطب الكروي الثاني في البرتغال، مدربا له. لكنه لم يستمر سوى ثلاثة أشهر، قاد فيها الفريق في 10 مباريات فقط. ولم يكن خروجه من بنفيكا عائدا إلى سوء النتائج، بل بسبب انتخاب إدارة جديدة له تعهد رئيسها في حملته الانتخابية بإقالة مورينيو وتعيين مدرب آخر كان يفضله.
لم ييأس المدرب الشاب ولم ينكسر، إذ انتقل بعدها الى تدريب فريق مغمور نسبيا في البرتغال هو فريق أونياو ليريا في أبريل/نيسان 2001. وهنا كانت الانطلاقة الحقيقية لمورينيو حيث استطاع أن يلفت اليه الأنظار، ما دفع بفريق بورتو الى تعيينه مدربا له لإخراجه من كبوته وذلك في يناير/كانون الثاني 2002. فكانت نقطة التحول الكبرى الثانية في مسيرته، حيث تمكن من تغيير شكل الفريق وإخراجه من أزمته، وقاده إلى الفوز ببطولة الدوري المحلي مرتين متتاليتين (2004-2005)، وكذلك الفوز ببطولة كأس الاتحاد الأوروبي عام 2004، ومن بعدها دوري أبطال أوروبا عام 2005، وهي البطولة الأشهر على الصعيد العالمي بعد كأس العالم.
برز مورينيو بامتلاكه كاريزما هائلة وطاغية، وبروحه الانتصارية، وباحتفالاته الصاخبة بالأهداف وتحقيق الانتصارات والبطولات، وبإجادته خلق علاقة مميزة وغير تقليدية مع اللاعبين، تجعلهم يحاربون من أجله
الفريد من نوعه
بعد مسيرته الرائعة في بورتو، اختاره الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش لتدريب فريق تشيلسي الإنكليزي الذي كان قد استحوذ على ملكيته منذ سنوات قليلة، حيث رأى فيه الشخص المناسب لصنع مجد الفريق اللندني. وفي المؤتمر الصحافي المخصص لتقديمه الى الإعلام والجمهور صيف عام 2005، قال أمام الصحافيين: "أرجوكم لا أريد أن تروني مغرورا، لكنني بطل أوروبا، لذلك أنا رجل مميز "Special one".لتطلق عليه الصحافة البريطانية لقب "The Special One"، الذي صار لقبه الذي يعرف به ويشتهر الى يومنا هذا. بالإضافة الى مجموعة ألقاب أخرى أطلقها عليه ناقدوه وكارهوه أيضا من مثل العبقري والأسطورة والداهية والمشاغب، والمتعجرف والمغرور والمترجم.
استطعت تحقيق بطولات مع روما ولم تحققها مع توتنهام، لماذا؟
️ - جوزيه مورينيو:
" في روما لا يطردونك قبل النهائي، في توتنهام يفعلون ذلك " pic.twitter.com/Sm49ggF0gl
مذاك تحول الرجل الى ظاهرة، حيث نجح في قيادة فريق تشيلسي للفوز ببطولة الدوري للمرة الأولى منذ عقود، وذلك لمرتين متتاليتين، بالإضافة الى ألقاب محلية أخرى. علاوة على تحقيقه عددا من الأرقام القياسية، التي لا يزال بعضها خالدا حتى الساعة. بيد أن شهرته ليست نابعة من الألقاب التي حققها، فهناك مدربون حققوا ألقابا أكثر منه حتى ذلك الحين. مصدر شهرته هو إدخاله مفاهيم جديدة في عالم كرة القدم لم تكن مألوفة في ذلك الوقت. فبالإضافة الى ما كان بناه وراكمه خلال مسيرته السابقة كمترجم ومساعد مدرب، مثل الصرامة، والدقة، كان حرصه وتدخله في أدق التفاصيل الصغيرة أمرا غير مألوف في عالم التدريب مثل التركيز الشديد على النظام الغذائي للاعبين. فقد جرت العادة أن يتولى الإداريون مثل هذه الأمور. بعدها صار المدربون يولون النظام الغذائي للاعبين أهمية قصوى، ومنهم غوارديولا مثلا الذي يحرم لاعبيه مثلا من تناول البيتزا.
كما برز مورينيو بامتلاكه كاريزما هائلة وطاغية، وبروحه الانتصارية، وباحتفالاته الصاخبة بالأهداف وتحقيق الانتصارات والبطولات، وبإجادته خلق علاقة مميزة وغير تقليدية مع اللاعبين، تجعلهم يحاربون من أجله كما صرح بذلك أكثر من لاعب لعب تحت قيادته. نذكر منها قصة حارس مرمى الفريق التشيكي بيتر تشيك الذي أصيب في أكتوبر/تشرين الأول 2006 بشرخ في الجمجمة بعد التحامه مع أحد لاعبي الفريق المنافس، وأجريت له عملية دقيقة وضع له فيها شرائح معدنية صغيرة بدلا من الأجزاء المهشمة. يذكر تشيك أنه عقب استيقاظه بعد العملية الدقيقة، كانت أول رسالة يتلقاها من مورينيو الذي كتب رسالة نصية أعرب له فيها عن دعمه له وعن ثقته بعودته مرة أخرى، في الوقت الذي كان فيه الأطباء يتحدثون عن عدم إمكان عودته الى المستطيل الأخضر. ثم أشرف مورينيو على برنامج علاجي وتدريبي خاص بتشيك، وفي النهاية عاد الرجل الى حراسة مرمى فريقه بعد سنة تقريبا، مزودا خوذة خاصة اشتهر بها في ما بعد والهدف منها حماية جمجمته.
كما برع مورينيو في خلق علاقة مميزة مع القواعد الجماهيرية حتى تحول الى معشوقها الأول، مثلما هي الحال مع جماهير تشيلسي التي وصل بها الحال إلى التعلق بتفاصيل صغيرة مثل المعطف الذي كان يرتديه أثناء المباريات، والذي وضع في متحف النادي كذكرى خالدة بناء على طلب الجماهير. بيد أن أشهر خصال مورينيو هي إثارته الدائمة للمشاكل ولا سيما مع الحكام ومدربي الفرق المنافسة، وتصريحاته المثيرة للجدال. والأخيرة ركيزة مهمة من ركائز فلسفته التدريبية، حيث يعتبر أن المباراة تبدأ من المؤتمر الصحافي الذي يسبقها وتنتهي مع المؤتمر الصحافي الذي يعقبها. وفي الصالات المخصصة للمؤتمرات الصحافية صال مورينيو وجال وأبدع في إجاباته وتصريحاته التي تمكن من خلالها من رفع الضغوط عن لاعبي فريقه وتحويلها في اتجاهات أخرى. فهو بارع في التشتيت الذهني والحرب النفسية.
خرج مورينيو من تشيلسي في سبتمبر/أيلول 2007 إثر خلافه مع مالك النادي، وانتقل بعدها الى تدريب فريق إنتر ناسيونالي ميلان الإيطالي في يونيو/حزيران 2008 لمدة سنتين صنع خلالهما مجدا كبيرا وخالدا للنادي الإيطالي عبر تحقيقه ثلاثية تاريخية عام 2010 بالفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا وبطولة الدوري والكأس في إيطاليا. بيد أنه في الفترة الفاصلة بين خروجه من تشيلسي وتعاقد إنتر ميلان معه، كانت نقطة التحول الكبرى الثالثة، ذلك أنه كان قاب قوسين أو أدنى من العودة الى برشلونة ليس كمترجم أو مساعد بل في منصب الرجل الأول. وكانت الإدارة الكاتالونية حينها برئاسة خوان لابورتا (رئيسه الحالي) تفاضل بينه وبين المدرب الشاب الصاعد بيب غوارديولا، وكانت تميل الى مورينيو. لكن تدخل يوهان كرويف، الأب الروحي لبرشلونة، أدى الى استبعاد جوزيه لصالح غوارديولا انطلاقا من أن الأخير يمتلك الحمض النووي لفلسفة لعب برشلونة الخالدة، مما ترك في نفسه أثرا لم يمحَ بأي شكل من الأشكال، وكان السبب الرئيس في العداء بينه وبين برشلونة طوال مسيرته التدريبية.
عام 2010 تعاقد معه فريق ريال مدريد الإسباني الذي وجد فيه ضالته لوقف هيمنة غريمه الأزلي برشلونة. بعد التوقيع معه، أشارت الصحافة الإسبانية المدريدية اليه بأنه "غالاكتيكو Galactico"، وهو مصطلح يستخدم في العادة للاعبين النجوم وليس المدربين. قاد الملكي لثلاث سنوات زادت فيها إثارة الـ"كلاسيكو" مع برشلونة بسببه بشكل خاص، وأضحت أهم مباراة في العالم بأسره وتضاعفت أعداد مشاهداتها في كل أرجاء العالم، وباتت حديث الساعة على شبكات التواصل، وفي المقاهي والصالونات وحتى في أروقة السياسة. وعلى الرغم من نجاحه في الحد من هيمنة برشلونة، وتحقيقه بطولة الدوري والكأس وكأس السوبر المحلية، إلا أن حقبته المدريدية وبالتحديد سنته الأخيرة 2013 كانت نقطة التحول الكبرى الرابعة في مسيرته، حيث بدأ المنحنى التدريبي له بالهبوط بعد وصوله الى القمة. وبدأ يفقد إحدى أهم مميزاته وهي علاقته الوطيدة والمميزة مع اللاعبين.
المدرب الأسكتلندي الأسطوري السير أليكس فيرغسون، الذي يتربع على عرش أكثر المدربين تحقيقا للألقاب بـ49 لقبا، يعتبر في كتاب سيرته فترة مورينيو مع الملكي أنها كانت "ملحمة تاريخية في إسبانيا". ويتابع "التصادم بين مورينيو وبرشلونة كان شيئا آسرا بالنسبة إلي. برشلونة في قمة العالم، من القادر على المخاطرة باسمه وتاريخه ليقف أمامهم ويتحداهم؟". ويعتبر فيرغسون أن كل الإنجازات التي صنعها مورينيو لا تضاهي تحدي برشلونة في حقبته الذهبية "لا أحد من مدربي النخبة كان يمكن أن يدخل في ذلك التحدي الشخصي بمفرده أمام إحدى أنجح المنظومات في تاريخ اللعبة، وحده مورينيو يفعلها. هو أشبه بأن تسحب سيفك الصغير وتذهب لمحاربة جيش كبير مسلح وأنت بمفردك!". بالنسبة إلى فيرغسون كان ذلك التناقض "ساحرا. أنت تواجه عملا كبيرا عليك القيام به وتحدي برشلونة وحرب الإعلام وانتقاد الجماهير. كان التحدي كبيرا والضغط هائلا لا يمكن أن يتحمله شخص عادي". ويشيد فيرغسون كثيرا بمزايا مورينيو ويصفه بـ"الشخص العظيم" و"الصديق المقرب"، وبأنه "جعله يطور نفسه وفريقه. حقا لقد كان عدوا مميزا".
النجم الذي لا يأفل
عاد جوزيه الى تدريب تشيلسي في يونيو/حزيران 2013 واستمر حتى ديسمبر/كانون الأول 2015، وحقق معه بطولة الدوري والكأس. بعدها انتقل الى مقعد تدريب مانشستر يونايتد الذي كان يطمح كثيرا اليه لخلافة المدرب الأسطوري السير أليكس فرغيسون. ومن "الملكي" الى "فخر لندن" وصولا الى "الشياطين الحمر"، استمر المنحنى التدريبي لمورينيو بالهبوط، ولا سيما مع تراجع عدد البطولات والنجاحات التي حققها. فمع اليونايتد نجح في تحقيق الدوري الأوروبي وكأس انكلترا وكأس السوبر المحلية، وعجز عن تحقيق بطولة الدوري الإنكليزي. أقيل من تدريبه في ديسمبر/كانون الاول 2018.
وأتت الإشارة الواضحة الى تراجعه في جلوسه بعيدا عن المستطيل الأخضر لنحو عام كامل. حتى إنه أعرب علانية عن شوقه الشديد للعودة الى العمل من أرض الملعب مرة جديدة، وذلك خلال تحليله إحدى المباريات على شبكة "بي إن سبورت". في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أصبح مدربا لتوتنهام الأمر الذي اعتبر إشارة الى أفول نجم مورينيو نظرا لأن الفريق الذي اختاره ليس من فرق البطولات ولا يلبي طموحاته. استمر سنة ونصف السنة حتى أبريل/ نيسان 2008 حين أقيل مرة جديدة وكانت هي المرة الأولى التي يترك فيها تدريب فريق بلا بطولات منذ بدء مسيرته مع الكبار عام 2002. وعدّ ذلك على نطاق واسع لدى الخبراء والمحللين بداية النهاية.
مع ذلك احتفظ مورينيو بشعبية جارفة برزت بشدة في المحن والأزمات التي تعرض لها، وخاصة في حقبتيه مع مانشستر يونايتد وتوتنهام، حيث دافع عنه "المورينيستا" بشراسة غير متوقعة. لينتقل بعدها الى تدريب فريق روما الإيطالي في ما اعتبره النقاد دلالة على أفول نجمه نظرا إلى ابتعاد الفريق العاصمي عن منصات الألقاب منذ زمن، ومعاناته من أزمات كثيرة وبلوغه درجة الإفلاس في إحداها. بيد أن مورينيو نجح في إسكات جميع منتقديه، وأثبت لهم أن شغفه بكرة القدم لم ينحسر، وأنه لم يفقد سحره بعد، حيث قاد "الذئاب" إلى الفوز بدوري المؤتمر الأوروبي في نسخته الأولى العام الماضي بفريق ضعيف وخال من النجوم بل حتى من اللاعبين الأكفاء.
كان لدى مورينيو على الدوام الكثير من الخصوم والأعداء، وخاصة الصحافة، لكنه يحسب له أنه تمتع بالكثير من الحنكة والدهاء في أسلوب تعامله مع كل هذه الفسيفساء الواسعة من الخصوم
مفاهيم
ليس ذلك فحسب، بل أعاد تقديم نفسه بصورة أرجعت الى الاذهان ذكرى بداياته مع الروح الانتصارية الهائلة التي نجح في زرعها لدى لاعبي فريق روما، ولدى الجماهير التي ملأت جنبات ملعب "الأولمبيكو" بعدما سجل تراجعا كبيرا في الحضور الجماهيري قبل وصول مورينيو. علاوة على الدعم المعنوي الهائل الذي يقدمه إلى فرق الشباب في روما، وحضوره مبارياتهم وتدخله في الكثير من الأحيان لضخ المعنويات والطاقة الإيجابية لدى اللاعبين الصغار عندما يكونون متأخرين في النتيجة. كل ذلك دفع جماهير روما الى تطويبه قيصرا جديدا على مدينتهم، ولا سيما عقب نجاحه المذهل في التأهل لنهائي الدوري الأوروبي منذ أيام قليلة، حيث انتشرت على وسائل التواصل الصورة التي يضعها في خلفية هاتفه أثناء المؤتمر الصحافي للمباراة نصف النهائية، تظهره في لباس القياصرة جالسا على عرش روما. وهذه الصورة صنعها وأهداها إليه "الرومانيستا".
من المفاهيم غير التقليدية التي أدخلها مورينيو الى عالم التدريب وكرة القدم بشكل عام، كان استخدامه لأدوات وتفاصيل صغيرة غير مرئية لدى الجماهير، لكنها شديدة الفعالية. مثل حرصه على عدم تشذيب عشب الملعب وتركه طويلا، من أجل إعاقة الفرق التي تمتاز بأسلوب لعب الكرات الأرضية السريعة، وأبرزها نادي برشلونة الإسباني. وحسب الكثير من الشهادات لمدرب الجيل التاريخي للفريق الكاتالوني بيب غوراديولا، وعدد من لاعبيه، فإن أسلوب مورينيو نجح فعلا في عرقلة أسلوب لعبهم. لذا توجه أغلب المدربين الذين يواجهون برشلونة، أو الفرق التي يواجهها غوارديولا الى اتباع هذا الأسلوب. علاوة على ذلك، فإن إحدى أبرز نقاط قوة مورينيو هي الروح الانتصارية "الغرينتا" التي يتميز بها، ونجاحه في بناء شخصية انتصارية لدى كل الفرق التي دربها. وبمعزل عن أسلوبه الدفاعي المعروف، فإن الأهم لدى مورينيو هو الفوز والفوز فقط. فالتاريخ لا يذكر من لعب أفضل، بل يدون بأحرف من ذهب الفائزين بالألقاب.
يسجل لمورينيو أنه نجح في إعادة تقديم الكثير من النجوم الذين فقدوا بريقهم. وقد صرح أكثر من لاعب لعب تحت قيادته أنه كان مستعدا للموت فقط من أجل مورينيو، منهم النجم الهولندي ويسلي شنايدر الذي خرج من الباب الصغير لريال مدريد عام 2009، بيد أنه توهج تحت قيادة مورينيو في إنتر ميلان الإيطالي، ونافس على جائزة أفضل لاعب في العالم عام 2010، حيث حل في المركز الرابع بنسبة 14.48 % من الأصوات. في حين حل الأسطورة ميسي في المركز الأول برصيد 22.65 % من الأصوات. يقول شنايدر في أحد تصريحاته إنه مستعد لأن "يقتل ويموت" من أجل مورينيو. وكذلك زميله في فريق إنتر ميلان الصربي ديان ستانكوفيتش الذي قال إنه "سيلقي بنفسه في النار" إذا طلب منه مورينيو ذلك.
ذكريات خالدة وانبعاث من قلب الفشل
أما الحادثة الأشهر، التي تبين مدى عمق العلاقة التي نجح مورينيو في نسجها مع لاعبيه، ومدى تأثيره الهائل عليهم، فتتمثل في بكاء قلب الدفاع الإيطالي في نادي إنتر ماركو ماتيراتزي الملقب بـ"ماتريكس" لصلابته وقتاليته، والذي تسبب في الطرد الشهير للنجم الفرنسي زين الدين زيدان في نهائي كأس العالم عام 2006. فعندما خرج مورينيو من مقر نادي الإنتر للمرة الأخيرة بعد توديع الإداريين والعاملين، توقف برهة قبل ركوبه السيارة، وتوجه صوب شخص يستند الى الحائط وهو منهار من شدة البكاء. لم يكن هذا الشخص سوى ماتيراتزي، الذي ذهب اليه مورينيو واحتضنه وغرقا في نوبة في البكاء. وبعودته الى إيطاليا مرة أخرى، عاد مورينيو القديم الى الظهور بتفاعله مع الجماهير واللاعبين كعائلة واحدة هو كبيرها.
اللافت أنه مذ وطئت قدماه أرض العاصمة، حظي باستقبال خاص من عشرات الجماهير التي احتشدت فقط لتحيته مما كان له الأثر الشديد لديه. وقد أظهرت الكاميرات أكثر من مرة البكاء الحار لمورينيو عقب بعض الانتصارات، وبعد فوزه باللقب الأوروبي الأول في تاريخ روما العام الماضي، وكذلك الحال مع تأهله الى نهائي الدوري الأوروبي منذ أيام قليلة. فضلا عن قصة اختبائه الشهيرة في سلة الغسيل قبل مباراة فريقه تشيلسي اللندني مع بايرن ميونيخ الألماني عام 2005 بدوري أبطال أوروبا لتجاوز عقوبة الإيقاف في حقه. وبينما كان اللاعبون يرتدون لباس الميدان صدموا بخروج مورينيو من سلة الغسيل كي يعطيم آخر التعليمات، مما كان له أثر معنوي كبير عليهم.
في المقابل، كان لدى مورينيو على الدوام الكثير من الخصوم والأعداء، وخاصة الصحافة، لكنه يحسب له أنه تمتع بالكثير من الحنكة والدهاء في أسلوب تعامله مع كل هذه الفسيفساء الواسعة من الخصوم. وذلك نابع من متابعته لأدق التفاصيل في ما يقال ويكتب عنه، وتحضيره المسبق لأي مؤتمر صحافي من خلال معرفة هوية الصحافيين الحاضرين ونمط أسئلتهم وميولهم الكروية. ويمتلك مورينيو رصيدا كبيرا من المواقف المثيرة للجدال، والنظريات والمصطلحات التي أطلقها وأضحت خالدة بعد ذلك. منها قصة إشارته الشهيرة بتقييد يديه أمام الكاميرات في نهاية الشوط الأول من مباراة فريقه إنتر ميلان مع سامبدوريا في 22 فبراير/شباط 2010 عقب طرد الحكم لاعبين من فريقة خلال أقل من 45 دقيقة، مما تسبب بإيقافه ثلاث مباريات. لكن الإشارة صارت "تريندا" عالميا وماركة مسجلة باسمه. وكذلك اتهامه الصحافيين الإيطاليين بـ"الدعارة الفكرية".
يبقى المصطلح الأشهر، الذي يحظى إلى اليوم بانتشار واسع النطاق هو مصطلح "زيرو تيتولي Zero Titoli" كما قاله بالإيطالية ردا على هجوم الصحافة ومدربي الفرق المنافسة، وذلك للإشارة الى أنه في نهاية الموسم عام 2010 ستخرج كل الفرق المنافسة بـ"صفر ألقاب" في حين أن الإنتر سيحصد الألقاب المحلية وينافس على اللقب الأوروبي. وقد اقتبس مشجعو انتر هذا المصطلح وجعلوه شعارا للاحتفال بحصول فريقهم على السكوديتو السابع عشر في ذلك الموسم. حتى إن "نايكي" الشركة الراعية لألبسة الفريق وتجهيزاته استخدمته شعارا لقمصان الاحتفال بقلب الدوري الإيطالي. كما استخدمه الصحافيون على نطاق واسع.
هناك ايضا قصة "الإرث الكروي". ففي مارس/آذار 2018، وعقب خروج مانشستر يونايتد تحت قيادة مورينيو أمام إشبيلية الإسباني في الدور الـ16 من دوري الأبطال بشكل مفاجئ، تحدث لمدة 12 دقيقة في مؤتمر بعد أيام عن "الإرث الكروي"، وهو ما يرثه مدرب يقوم بتدريب فريق، مفندا تاريخ الـ"يونايتد" الأوروبي في آخر 7 سنوات، وخروجه من الأدوار الأولى في بعضها، وعدم مشاركته من أساسه في بعضها الآخر، وذلك بأسلوب تهكمي رد فيه على الانتقادات الكبيرة التي تعرض لها.
وعلى الرغم من صوابية ودقة ما قاله، إلا أن كلماته أثارت غضب إدارة وأساطير وبيئة "اليونايتد"، حيث وضعت إقالته على الطاولة في انتظار الفرصة الملائمة، وهذا ما حصل في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه. علاوة على أن ما قاله جعل إدارات الفرق الكبرى تتجنب التعاقد معه كي لا "يفضحها". بيد أنه نجح في العودة من جديد الى صدارة الخيارات للفرق الكبرى حاليا، بجهده ومثابرته وشغفه المتجدد دائما. طريق روما الذي عد درب النهاية كان بمثابة خطوة الى الوراء من أجل إبراز القدرات للعودة الى القمة مجددا، وأثبت مورينيو أن الفشل ليس نهاية المطاف، بل هو المحفز للعمل أكثر. وهذا هو الدرس الأهم.