يشهد السودان منذ الخامس عشر من أبريل/نيسان الماضي صراعاً عنيفاً بين الجيش وقوات الدعم السريع، وبالرغم من الوساطة السعودية- الأميركية فليس هناك احترام كامل للهدنة بين الفريقين وليس هناك أفق لحل سياسي ينهي الاقتتال. ومع بروز عجز المجموعة الدولية بشكل عام، يتضح أن الاتحاد الأوروبي غير فاعل والدور الفرنسي شبه مغيب ومحدود إزاء لعبة جيوسياسية فائقة المخاطر تدور انطلاقا من السودان، علماً أن هذه اللعبة تشكل خطرا على الاستقرار الإقليمي، ويمكن أن تمس بمصالح فرنسا في أفريقيا حيث يتراجع نفوذها في أكثر من مكان.
يثير السودان اهتمام اللاعبين الإقليميين والدوليين بسبب موقعه الجيوسياسي المميز وموارده الكبيرة، وهو ثالث بلد أفريقي من حيث المساحة، ولذلك نلمس الصلات الخارجية مع طرفي النزاع والفئات الأخرى في الموزاييك السوداني الجهوي والقبلي والديني واللغوي.
لقد عانت هذه الدولة الواقعة في شمال شرقي أفريقيا من زعزعة الاستقرار المزمنة إذ شهدت حربين أهليتين وسلسلة من النزاعات الداخلية، كما هو الحال في دارفور وأثناء انفصال جنوب السودان في عام 2011. ودوماً كان لفرنسا مواقف حذرة مع عدم تسليمها قبل استقلال جنوب السودان بنظرية انقسام السودان بين الجنوب "الوثني والمسيحي" من جهة، والشمال العربي "المسلم" من جهة أخرى.
وحيال مآسي دارفور المجاورة لتشاد أبرز معاقل النفوذ الفرنسي في الساحل، تفادت باريس أن تصادق على أطروحة صراع الأفارقة والعرب، بل ركزت على البعد الإنساني لتطويق انتشار النزاع .