في ديسمبر/كانون الأول 2022، وخلال كلمته أمام الكونغرس الأميركي، قارن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي معركة باخموت بمعركة ساراتوغا (The Battle of Saratoga)، التي حقق فيها الثوار الأميركيون نصرا حاسماً ضد البريطانيين في أكتوبر/تشرين الأول 1777. وقال إن "القتال في باخموت سيغير مسار حربنا من أجل الاستقلال وحريتنا". بعد خمسة أشهر، خرجت القوات الأوكرانية من باخموت، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية السيطرة على المدينة في منطقة دونيتسك الشرقية بعد عشرة أشهر من القتال، في أول انتصار لها منذ يناير/كانون الثاني عندما استولت على مدينة "سوليدار" المجاورة.
مثّلت المدينة بالنسبة لروسيا بوابة محتملة لتحقيق السيطرة على المنطقة الصناعية الشرقية من دونباس، بينما برّر زيلينسكي إصراره المستمر على القتال لشهور في باخموت- رغم تدمير المدينة بقصف مدفعي كثيف وضربات جوية- بالقول إن القتال هناك من شأنه أن يستنزف القوات الروسية، محذراً من أن الانسحاب سيفتح الباب أمام جيش بوتين للتقدم أكثر في مقاطعة دونيتسك، وهي واحدة من أربع مقاطعات ادعى الكرملين ضمّها في سبتمبر/أيلول 2022. وبهذا أضحى الموقف الدفاعي بالنسبة لأوكرانيا وسيلة لإرهاق القوات الروسية وكسب الوقت لهجومها المضاد المتوقع على نطاق واسع.
وأشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأول انتصار كبير له منذ الأيام الأولى لغزو أوكرانيا رغم إصرار كييف على أن المعركة "لم تنته بعد"، وقال إن مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية استولت على المدينة بمساعدة القوات المسلحة الروسية بعد معركة دامية استمرت شهوراً وأودت بحياة أكثر من 100 ألف شخص ودمرت المدينة. ومع تحقيق روسيا أول انتصار لها، تتجه الأنظار إلى ردة الفعل الأوكرانية للتعافي من نكساتها في سوليدار وباخموت، بينما ستحاول روسيا الاستفادة من زخم السيطرة على باخموت. فكلا الطرفين مصمم على مواصلة الحرب ولا يبدو أن هناك أملاً ماثلاً في الأفق بإطلاق أية مبادرة نحو السلام أو المحادثات.