وفي الوقت نفسه، قام احد القياديين الحوثيين، بزيارة نادرة إلى العراق، حيث عقد اجتماعات ثنائية مع قادة الميليشيات المدعومة من إيران في بغداد. ومن الواضح أن القصد من التوقيت، والرؤية العامة، هو الإشارة إلى الموقف الذي يشعر به الحوثيون وسط وقف إطلاق نار مستدام يعمل الحوثيون في اليمن، على ترجمته لصالحهم. في حين أن وقف إطلاق النار ذاته، يعطي الثقة للجهود الدبلوماسية لحل الصراع المستمر منذ سنوات في اليمن، إلا أن تقدما لم يحرز فيما يتعلق بحل الدوافع الأساسية الأعمق للصراع الأهلي نفسه.
وفي العراق أيضاً، ازدادت جرأة الوكلاء الإيرانيين والجبهات المسلحة في الأسابيع الأخيرة، حيث هدّدوا علنا السفيرة الأميركية ألينا رومانوفسكي، والسفارة الأميركية في بغداد، بينما أعلنوا لاحقا، مسؤوليتهم عن هجمات قاتلة ضد القوات الأميركية. وقبل شهرين فقط، أطلقت ميليشيات متشددة إيرانية مقرها العراق طائرة مسيرة انتحارية شمال شرقي سوريا، مما أسفر عن مقتل متعاقد أميركي وإصابة أكثر من 24 جنديا أميركيا. وأظهر هذا الهجوم تنسيقا كبيرا ومدروسا، إذ تم توقيت حدوثه مع فرصة نادرة ومؤقتة، حيث أوقف تشغيل نظام الدفاع الجوي الأساسي في القاعدة الأميركية للصيانة.
لا تزال هناك أسئلة مشروعة حول كيفية معرفة الجهات الفاعلة الإيرانية المجاورة في العراق أو تمكنها من اكتشاف مثل هذه المعلومات الحساسة عبر الحدود في سوريا. وهناك احتمال للتواطؤ الروسي، بالنظر إلى الوجود المتكرر للطائرات الروسية فوق المجال الجوي في ذلك الوقت والشراكة الاستراتيجية القوية المتزايدة بين إيران وروسيا- في سوريا وأوكرانيا.
إن الكشف الأخير عن دور موسكو في تسهيل مخطط معقد للتهرب من العقوبات عابر للحدود الوطنية يديره الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس وحزب الله يضيف إلى ذلك شكوكا كثيرة.
ونهاية، الجوهرة في تاج أجندة إيران الإقليمية: سوريا.
في 3 مايو/أيار، أجرى إبراهيم رئيسي أول زيارة رئاسية لإيران إلى دمشق منذ 12 عاما، معلنا على الملأ الانتصار، واستقبلته حشود رتبها النظام لترديد شعارات شيعية وإطلاق هتافات باللغة الفارسية، وهو مشهد غير عادي للغاية إن لم يكن غير مسبوق في سوريا. وتبع ذلك، ما لا يقل عن اثنتي عشرة اتفاقية اقتصادية وخطط محتملة لتدشين منشآت صناعة دفاعية سورية- إيرانية مشتركة على الأراضي السورية. وكانت الرسالة من الزيارة ومتابعاتها واضحة: إيران موجودة في سوريا لتبقى، ومن غير المرجح أن تتأثر ميزتها الاستراتيجية من قبل القوى الخارجية.
وفي كل الحالات تقريبا، تريد إيران عدم التراجع عن المكاسب في جميع أنحاء المنطقة ما يمكن أن تكون له عواقب عميقة- بالنسبة للديناميكيات الإقليمية، وآفاق الاستقرار الحقيقي على المدى الطويل، وقدرة الولايات المتحدة على البقاء فاعلا مركزيا مشاركا في الشؤون الإقليمية (إذا كانت لا تزال ترغب في ذلك).