في عام 1957 كان المؤرخ وعالم الفلك إدوارد كيندي منكباً على دراساته وأبحاثه في تاريخ علم الفلك أثناء عمله أستاذا في الجامعة الأميركية في بيروت، وخلال انغماسه الشديد في البحث والتنقيب عن الوثائق والمخطوطات التي تتناول علوم الفلك والكواكب، وقعت بين بيديه بمحض الصدفة العجيبة مخطوطة بعنوان "نهاية السؤال في تصحيح الأصول" لأبي الحسن علاء الدين بن علي بن المطعم الأنصاري، المعروف بـ"ابن الشاطر"، عالم الفلك الدمشقي الشهير المتوفى 777هـ/1375م.
حمل كيندي هذه المخطوطة مسرعاً إلى صديقه أوتو نويغبور الذي كان متخصصاً في علم الفلك الرياضي عند كوبرنيك، ولم تحتج عبقرية نويغبور إلى الكثير من الوقت ليكتشف أن هيئة ابن الشاطر لحركات القمر مطابقة تماماً لهيئة العالم الأوروبي الشهير نيكولاس كوبرنيكوس (المتوفى 1543م) والملقب بأبي الفلك الحديث، فقد وجد أن عمل ابن الشاطر يطابق هيئة كوبرنيكوس للكوكب عينه، وهو الذي يسبقه بأكثر من مائتي سنة، وكان هذا الاكتشاف العلمي الذي حدث صدفة أشبه بالأسطورة في حد ذاته، فقد أحدث هزة في الأوساط الأكاديمية الأوروبية التي كانت تتباهى بكوبرنيكوس وعبقرية عصر النهضة التي تمثل في نظرهم التقدم والتميز الأوروبي الخالص، الأمر الذي أدى إلى مناقشات علمية لاحقة، حيث نشرت مجلة "إيزيس" مقالاً لفيكتور روبرتس بعنوان: "نظرية ابن الشاطر لحركات الشمس والقمر، هيئة كوبرنيكية سابقة لكوبرنيك".