انتهت أعمال القمّة العربية الـ"32" بـ"إعلان جدة".. فقرتان في متنه معنيتان بسوريا بعد إعادة عضويتها إلى الجامعة العربية؛ فقد رحبت الفقرة الثالثة من الإعلان بعودتها، آملةً أن "يحافظ ذلك على وحدة أراضيها واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي... ومساعدة سوريا على تجاوز أزمتها اتّساقاً مع المصلحة العربية المشتركة". كما شدّدت الفقرة الخامسة على "وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية والرفض التام لدعم تشكيل الجماعات والميليشيات المسلّحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدولة".
لقد وضع الواقع الدولي وحيثيات الحرب الأهلية السورية العالم العربي أمام خيارين: أولهما مقاطعة الأسد بشكل دائم والسماح للهيمنة الإيرانية على سوريا بالاستمرار في النمو. وفي غضون ذلك فإن العزلة الدبلوماسية إلى جانب حصار مالي فرضته عقوبات الولايات المتّحدة ستمنعان ولادة سوريا جديدة أو إعادة إعمارها، ومعهما ستستمر معاناة الشعب السوري.
الخيار الثاني، هو إعادة العلاقات مع نظام الأسد وإن على مضض، وبذل المحاولات لإيجاد مساحة تتيح المواجهة مع النفوذ الإيراني المستشري في الداخل السوري. فهل ما زالت تتوفر في سوريا الشروط اللازمة لنجاح الخيار العربي؟ بمعنى آخر: هل تبقّى لدى النظام مساحة من الاستقلالية تتيح استعادته من طهران؟ وهل استند الخيار العربي إلى فرضية خاطئة؟