ذكرت تقارير صحافية أن بيع الأعضاء أصبح مصدر دخل عائلات إيرانية ترزح تحت خط الفقر
Getty Images
إيران: عصابات تجارة الأعضاء تستغل الفقراء
لندن - "المجلة"
آخر تحديث
أدت موجة الفقر في إيران إلى انتشار ظاهرة بيع أعضاء الجسم لدى المواطنين والتي تزداد عاما بعد عام بسبب تدهور الوضع المعيشي بشكل مستمر.
ويعرض كثير من البائعين أعضاءهم على غرار الكلى وبلازما الدم ونخاع العظام وجزء من الكبد من خلال ملصقات ورقية تحتوي على معلومات عن أعمارهم وفصيلة الدم وأرقام اتصال على جدران الشوارع وبالقرب من المستشفيات في المدن المختلفة. ولم تقتصر هذه الإعلانات على جدران الشوارع بل انتقلت أيضا إلى وسائل التواصل الاجتماعي.
هذه حكاية طويلة ومريرة لشرائح واسعة من الشعب الإيراني أوصلتها الظروف السياسية والاقتصادية عبر العقود الماضية إلى حالة من اليأس والبؤس اضطروا فيها إلى التخلي عن بعض أعضاء الجسم من أجل أن ينقذوا عائلاتهم من الجوع والعوز.
هذه حكاية طويلة ومريرة لشرائح واسعة من الشعب الإيراني أوصلتها الظروف السياسية والاقتصادية عبر العقود الماضية إلى حالة من اليأس والبؤس اضطروا فيها إلى التخلي عن بعض أعضاء الجسم من أجل أن ينقذوا عائلاتهم من الجوع والعوز
هذه حكاية مواطنين يضطرون إلى التخلي عن أجزاء من أجسادهم لأسباب مختلفة منها تأمين نفقات علاج أحبائهم أو إنشاء مشروع تجاري صغير أو دفع الأقساط الشهرية أو الإفلاس.
واندلعت احتجاجات عدة خلال العقد الأخير، احتجاجا على تردي الأوضاع الاقتصادية وللمطالبة بحريات أكثر، ويحذر مراقبون من اتساع رقعة الفقر، ومن ثم ازدهار السوق السوداء لبيع الأعضاء.
وبلغ سعر الكلى نحو 15 ألف دولار، ونصف الكبد 20 ألف دولار في إيران حسب تقرير لموقع "تجارت نيوز" الاقتصادي في 2022. وتلعب عصابات تجارة الأعضاء والسماسرة دورا رئيسا في هذه السوق المربحة والكبيرة بالنسبة إليهم من خلال الوساطة وعقد الاتفاقات بين البائع والمتلقي وتحصل على حصة الأسد من الأموال.
مافيا الاستيراد وملوك السلع التموينية
ولم تعد أجور ورواتب الطبقة المتوسطة كافية منذ فترة بعيدة، إن لم تكن أصبحت بلا قيمة مع ارتفاع غير مسبوق لمستويات التضخم السنوي، والتي تجاوزت 30 في المئة في العام الواحد خلال السنوات الخمس الماضية، وفقا لتقرير لوزارة العمل والرفاه الاجتماعي في يناير/كانون الثاني الماضي.
وكشف التقرير أن ثلث عدد السكان الإجمالي، نحو 88 مليون نسمة، أصبحوا تحت خط الفقر، أي نحو 26 مليون مواطن.
يحمّل معارضون النظام الإيراني مسؤولية التدهور المستمر في الأوضاع الاقتصادية، والتي تتأثر بمجريات السياسة الخارجية والتي ورطت إيران، بحسب رأيهم، في صراعات إقليمية، فضلا عن برنامج نووي أثار جدلا كبيرا وجلب عقوبات أميركية أثرت بشكل كبير على مجالات اقتصادية وصحية واجتماعية، كما ساعدت في الحد من قدرة الحكومة على تأمين الغذاء والحماية الاجتماعية والتعليم.
ويبقى الفقراء وحدهم يئنون تحت وطأة الضغوط الاقتصادية والمالية، ويسمعون دوما أن البلد الذي يعيشون فيه يتمتع بموارد طبيعية وثروات هائلة لم يحصل منها على أي شيء، غير أنه يأمل في تحسين أوضاعه المعيشية والاجتماعية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في كل استحقاق، وسرعان ما تتبدد الآمال وقد تتحول الأوضاع إلى الأسوأ وتستمر الحلقة المفرغة في الدوران.
وأفادت صحيفة "جهان صنعت" في تقرير لها الشهر الجاري بأن "كل الأشخاص الذين أقدموا على بيع أعضاء من جسمهم يعانون من مشاكل مالية ويتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاما.
ويقول التقرير إن اللافت أن عددا ممن يشترون الأعضاء لا يستطيعون تحمل التكلفة الباهظة فلذا يضطرون لبيع أملاكهم على غرار البيت أو السيارة لتسديد ثمن ذلك. ويسافر البعض إلى دول الجوار على غرار تركيا لبيع أعضائهم بسعر يتراوح بين 7 آلاف و15 ألف دولار.
ويرى المراقبون أن ارتفاع معدلات الفقر وآثاره الكارثية على غرار انتشار ظاهرة بيع الأعضاء في البلاد لديه أسباب هيكلية ومتعددة الأبعاد ومعقدة وله علاقة مباشرة مع هيكلية السلطة الحاكمة ونظامها الاقتصادي.
يحمّل معارضون النظام الإيراني مسؤولية التدهور المستمر في الأوضاع الاقتصادية، والتي تتأثر بمجريات السياسة الخارجية والتي ورطت إيران، بحسب رأيهم، في صراعات إقليمية، فضلا عن برنامج نووي أثار جدلا كبيرا وجلب عقوبات أميركية أثرت بشكل كبير على مجالات اقتصادية وصحية واجتماعية، كما ساعدت في الحد من قدرة الحكومة على تأمين الغذاء والحماية الاجتماعية والتعليم
لماذا أصبحت مكافحة الفقر وما تبعها من آثار مدمرة على غرار تجارة الأعضاء مهمة شبه مستحيلة في إيران؟ بحسب الخبراء في الشأن الإيراني فإن استشراء الفساد في الهياكل الاقتصادية، يشكل أحد أهم أسباب ما آالت إليه الأوضاع الاجتماعية.
يقول معارضون إن الفساد وعدم المساءلة ضربا أركان السلطة التنفيذية أيضا، مطالبين بحلول جذرية لمظاهر اختلاس الأموال، والرشى، والمحسوبية، والقرارات السياسية الخاطئة، واحتكار رجال أعمال مقربين من السلطة الحاكمة قطاعات حيوية ومعيشية في المجتمع مما أدى إلى ظهور "مافيات الاستيراد وملوك السلع التموينية".
وبالتالي تفتقر البلاد إلى منظومة اقتصادية سليمة تتيح القيام بمشاريع استثمارية وزيادة الإيرادات.