منذ الأيام الأولى للحرب، وصف قائد الجيش عبد الفتاح البرهان "قوات الدعم السريع" وقائدهامحمد حمدان دقلو (حميدتي) بـ "التمرد". ومعلوم أن "التمرد" في لغة الجيوش جريمة شنعاء عقوبتها الإعدام في الغالب، و"التمرد" في الجيش أخطر من الأعداء. مع ذلك لم يصدر قرار إعفاء حميدتي، وكان التبرير الرسمي لتأخر القرار أنه يحتاج إلى اجتماع مجلس السيادة حتى يُتخذ القرار بطريقة دستورية كما تنص لائحة مجلس السيادة.
لذلك، لا يمكن فصل صدور القرار في هذا التوقيت عن المفاوضات التي تجرى بين الجانبين، في محاولة لإضعاف "قوات الدعم السريع" التي كانت تفاوض باسم نائب رئيس مجلس السيادة. أما بعد القرار فلم تعد كذلك. كما أن زيارة مستشار حميدتي، يوسف عزت، لجمهورية جنوب السودان الثلاثاء الماضي واستقبال المسؤولين له باسم مبعوث نائب رئيس مجلس السيادة وقائد "قوات الدعم السريع"، أثارت حفيظة حكومة السودان التي بات يمثلها مجلس السيادة.
وسارعت وزارة الخارجية إلى الاحتجاج رسميا على استقبال حكومة دولة جنوب السودان لمبعوث نائب رئيس مجلس القيادة. ومن المتوقع أن يكون رد حكومة جنوب السودان أنه مبعوث نائب البرهان.
في حقيقة الأمر أن جدلا قانونيا ودستوريا يدور حول منصب نائب رئيس مجلس السيادة في ذاته، إذ لا تتضمن الوثيقة الدستورية نصا صريحا يتعلق بنائب لرئيس المجلس. ويسود اعتقاد بأن تسمية محمد حمدان حميدتي بهذه الصفة جاءت بالاتفاق بينه وبين البرهان وسكت عنه الآخرون في المجلس.
لذلك، قد يختفي المنصب في حال تنحى حميدتي الذي يملك جيشا موازيا للجيش السوداني، كما يزعم حميدتي أن له مشاركة منفصلة في الثورة عن مشاركة ودور القوات المسلحة، وكذلك في صياغة الوثيقة الدستورية نفسها خلافا للعسكريين الآخرين في مجلس السيادة أو المدنيين الذين كان من المفترض أن يتولوا رئاسة مجلس السيادة عند نهاية فترة العسكريين بحسب الوثيقة الدستورية لولا انقلاب 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021 الذي اشترك فيه الجيش والدعم السريع معا.