قمة الرباط (26-29 نوفمبر/تشرين الثاني 1974)
إنها واحدة من أكثر القمم العربية التي خلدت في الذاكرة، إذ إنها اختُتِمَت بنتائج ملموسة. فحضرت جميع الدول العربية، وفوضت منظمة التحرير الفلسطينية بالتحدث نيابة عن الشعب الفلسطيني، وهو التفويض الذي سيستمر عرفات في الاعتماد عليه حتى وفاته في عام 2004. ومن ثمّ قُبلت منظمة التحرير الفلسطينية في جامعة الدول العربية في 9 سبتمبر/أيلول 1976، قبل أسابيع فقط من القمة العربية المقبلة التي ستعقد في الرياض.
قمة الرياض (16 أكتوبر/تشرين الأول 1976)
عُقدت القمة بدعوة من المملكة العربية السعودية، وتمثّل هدفها الرئيس في مناقشة الحرب الاهلية في لبنان. فقد اندلعت الحرب في أبريل/نيسان 1975 وكان عرفات ومنظمة التحرير الفلسطينية أحد اللاعبين الرئيسيين في القمة. وعُقدت القمة في الرياض بعد أشهر من اغتيال الملك فيصل والذي خلفه في الحكم الملك خالد بن عبد العزيز. وكانت هذه الجلسة طارئةً فحضرتها ست دول عربية فقط (المملكة العربية السعودية، ومصر، وسوريا، والكويت، ولبنان، ومنظمة التحرير الفلسطينية). ودعا المشاركون فيها إلى وقف فوريٍ لإطلاق النار في لبنان، وطرحوا فكرة إرسال جيشٍ عربي للمساعدة في السيطرة على العنف المتصاعد من دون إصدار بيانٍ نهائي يتطرق لجوانب متعددة.
قمة القاهرة (25 أكتوبر/تشرين الأول 1976)
عُقدت هذه القمة خلال أقصر فترة ممكنة تفصلها عن القمة السابقة (تسعة أيام فقط) ودعا إليها الرئيس أنور السادات لمناقشة الحرب الأهلية اللبنانية على نحو معمق؛ إذ أخفقت جميع محاولات وقف إطلاق النار، وفي مايو/أيار- يونيو/حزيران 1976، تدخل الجيش السوري في الصراع، بناء على طلب حكومة لبنان ورئيس الجمهورية سليمان فرنجية. اتفقت الدول العربية على المساهمة، كل حسب قدرتها، في إعادة إعمار لبنان. وبعد أحد عشر شهرا، انضمت جيبوتي إلى جامعة الدول العربية، في الوقت المناسب تماما لعقد القمة المقبلة في العراق.
قمة بغداد (2-5 نوفمبر/ تشرين الثاني 1978)
وهذا المؤتمر كان لقاء القمة الأول الذي عُقد في العراق، وقد أدار المؤتمر نائب الرئيس صدام حسين، والذي لم يهدر أي وقت لإصلاح مقابر العائلة المالكة في بغداد قبل زيارة الملك حسين المقررة، وتوقع منه أن يرغب في إظهار الاحترام لابن عمه المقتول، الملك فيصل الثاني. وقد استخدم صدام هذه القمة ليُظهر للعالم أنه الشخص الذي يدير السياسة العراقية، وليس الرئيس أحمد حسن البكر. انعقدت قمة بغداد للرد على زيارة أنور السادات للقدس عام 1977 وتوقيعه على اتفاقية كامب ديفيد في سبتمبر/أيلول1978 .
وانتقد القادة العرب بإيحاء من الزعيم الليبي معمر القذافي، والسوري حافظ الأسد، وياسر عرفات، السلام المنفصل للسادات بشدة، واتهموه بإلحاق الأذى بالشعب الفلسطيني وإهانته والتخلي عنه. ونتيجة لذلك، تم تعليق عضوية مصر في وقت لاحق في جامعة الدول العربية في مارس/آذار 1979، لتصبح أول دولة عربية تفقد عضويتها منذ عام 1946. ونقلت مكاتب الجامعة من القاهرة إلى تونس، وعادت المكاتب إلى القاهرة بقبول مصر مرة أخرى في جامعة الدول العربية في 23 مايو/أيار 1989، خلال رئاسة الرئيس الذي خلف السادات، أي الرئيس محمد حسني مبارك. وخلال الأعوام 1979-1990، ترأس الشاذلي القليبي، السياسي التونسي البارز، جامعة الدول العربية.
قمة تونس (29 نوفمبر/تشرين الثاني 1979)
عُقدت القمة برئاسة الرئيس التونسي الطاعن في السن، الحبيب بورقيبة، وقد اعترفت القمة بأن الصراع مع إسرائيل هو صراع طويل الأمد ولن ينتهي في المدى المنظور، على عكس كل التصريحات العربية السابقة. وحرص القادة العرب على إعادة التأكيد على انتقاداتهم للسادات واتفاقات كامب ديفيد، وانتقدوا أي حديث عن نقل عاصمة إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وإدانة الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان الذي حدث عام 1978، تحت ستار دفع منظمة التحرير الفلسطينية إلى العمق اللبناني بعيدا عن المنطقة الحدودية.
قمة عمان (25-27 أكتوبر/تشرين الأول 1980)
وهي قمة أخرى على قدرٍ ما من الهدوء، وقد حضرها خمسة عشر زعيما أكدوا على رغبة عربية جماعية بالتخلص من اتفاقية كامب ديفيد. وأدانوا العدوان الإسرائيلي في جنوب لبنان، وطالبوا بوقف إطلاق النار في الحرب العراقية الإيرانية التي اندلعت قبل شهرين.
كما أعرب القادة العرب عن رغبة جماعية في مواصلة مقاطعة مصر، طالما ظلت اتفاقيات كامب ديفيد قائمة، وانتقدوا إدارة كارتر لاستمرارها في تصنيف منظمة التحرير الفلسطينية بأنها "منظمة إرهابية". واتفقوا أخيراً على ميثاق اقتصادي عربي جماعي لمدة عشرين عاما ينتهي تقنيا عام 2000.
قمة فاس (25 نوفمبر/تشرين الثاني 1981)
وحضرت مؤتمر قمة فاس جميع الدول العربية الكبرى باستثناء مصر، لكن المؤتمر انتهى بعد خمس ساعات بسبب الخلاف السعودي- السوري على خلفية مبادرة السلام التي اقترحها الملك فهد والمكونة من ثماني نقاط. ودعا إلى الانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي العربية المحتلة عام 1967، وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية التي أُنشئت على الأراضي التي احتُلت بعد عام 1967، وأكد حق العودة للفلسطينيين. وقدم تصورا عن قيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، تعيش بسلام مع جميع جيرانها (بمن فيهم الإسرائيليون).
قمة فاس (6-9 سبتمبر/أيلول 1982)
بعد الموافقة على خطة الملك فهد الخاصة بالسلام، قررت القمة كذلك تشكيل لجنة لبدء الاتصالات مع مجلس الأمن لمتابعة مبادرة الملك السعودي. وكان الموضوع الرئيس على أجندة القمة هو لبنان بعد أن اقتحم الجيش الإسرائيلي بيروت واحتلها في وقت سابق من ذلك الصيف، وتمثل الهدف الوحيد للغزو في سحق منظمة التحرير الفلسطينية ردا على محاولة اغتيال فاشلة للسفير الإسرائيلي في لندن شلومو أرغوف.
قمة الدار البيضاء (7-9 أغسطس/آب 1985)
ترأس الملك الحسن الثاني القمة مرة أخرى، ودعا إلى تشكيل لجنتين لحل الخلافات البينية بين الدول العربية، كالخلاف المزمن بين حافظ الأسد من جهة وصدام حسين والملك حسين من جهة أخرى. وانتقد بيان القمة إيران بشدة واتهمها بالامتناع عن كل مبادرات السلام من أجل إطالة أمد حربها مع العراق. أنهت أربع دول عربية مقاطعتها لقمة الدار البيضاء (سوريا ولبنان وجنوب اليمن والجزائر). وكانت ليبيا قد أرسلت وفدا إلى لجنة التخطيط في وقت سابق للقمة، لكنها انسحبت من المؤتمر الفعلي.
قمة عمان (8-11 نوفمبر/تشرين الثاني 1987)
ترأسها العاهل الأردني الملك حسين، وانتقدت قمة عمان إيران بشدة لاحتلالها الأراضي العراقية، وأعربت عن تضامنها الكامل مع صدام حسين وتقديره لقبوله قرار مجلس الأمن رقم 598، والذي سمح بتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في الحرب الإيرانية- العراقية.
قمة الجزائر (7-9 يونيو/حزيران 1988)
عُقدت برئاسة الرئيس الشاذلي بن جديد، والتأمت على خلفية الانتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987، والتي فاجأت إسرائيل والقادة العرب. وحتى ياسر عرفات بدا غير مستعد لها، ولكن لم يكن لديه خيار سوى احتضان رماة الحجارة الشباب في شوارع فلسطين انطلاقاً من منفاه الكائن في تونس. لقد وعد العرب المجتمعون في الجزائر بدعم الانتفاضة ماليا وسياسيا، وتعهدوا بدفع مبلغ قدره 128 مليون دولار لمنظمة التحرير الفلسطينية. وقُطع وعد بدفع مبلغ قدره 43 مليون دولار أخرى تدفع شهريا للانتفاضة، لكنها لم تنجح أبدا ونقضت الدول العربية التزامها. كما دعمت القمة المقاومة اللبنانية التي تحدت الاحتلال الإسرائيلي لجنوب البلاد بالكلام، وأكدت مجددا دعمها لصدام حسين.
قمة الدار البيضاء (23-26 مايو/أيار 1989)
قُبلت مصر مرة أخرى في جامعة الدول العربية وكانت حاضرة في قمة الدار البيضاء، لأول مرة منذ اتفاقية كامب ديفيد. لم يصدر أي بيان ختامي عن القمة، لكن قرر القادة العرب زيادة دعم الانتفاضة الفلسطينية، ودعوا إلى احترام "الحقوق غير القابلة للتصرف للشعب الفلسطيني، بما في ذلك حق العودة، وتقرير المصير، وإقامة دولة فلسطين المستقلة".