يترقب العالم معركة رفع سقف الدين الفيديرالي الأميركي في يونيو/حزيران المقبل، وتاليا مصير مؤشرات الاقتصاد الأميركي الذي يكافح التضخم برفع مستميت للفوائد، في وقت تتعاظم التساؤلات عن مدى قدرة الدولار على الاستمرار كأقوى عملة مهيمنة على اقتصادات العالم منذ عقود، وتأثير كل ذلك على الاقتصاد العالمي وعملاته ومصارفه وشركاته. إلى متى يمكن للولايات المتحدة الأميركية أن تقترض وتراكم الديون وتطبع الدولارات إلى ما لا نهاية؟
بلغ حجم الديون الفيديرالية الأميركية 31,45 تريليون دولار في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، وهو السقف الأقصى المحدد لاقتراض الحكومة الأميركية بموجب القانون 117-73 تاريخ 16 ديسمبر/ كانون الأول 2021، ما يمثل دينا يقدر بـ 94 ألف دولار على كل أميركي وما نسبته 121 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي للبلاد.
هذا الأمر يضع الولايات المتحدة الأميركية أمام واحد من الاحتمالات الثلاثة الآتية:
إما خفض الإنفاق و/ أو رفع الضرائب، وإما التخلف عن السداد، وإما رفع أو تعليق سقف الدين أو مراجعة كيفية تعريف السقف للاستمرار في برامج إنفاق محددة. علما أن خيار رفع سقف الدين العام حصل سابقا 78 مرة منذ عام 1960، 49 مرة تحت قيادة الجمهوريين و29 مرة في ظل إدارة الديموقراطيين.
قانون سقف الديون الفيديرالية
تم تحديد سقف الديون الفيديرالية للمرة الأولى بموجب قانون سندات الحرية الثاني لعام 1917، والولايات المتحدة الأميركية ليست الوحيدة التي تضع سقفا لإنفاقها الحكومي، فهذا الأمر تعتمده دولة أخرى هي الدنمارك منذ عام 1993 كمطلب دستوري، فيما حدد الاتحاد الأوروبي السقف الأقصى للدين لدى الدول الأعضاء عند 60 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي وفقا لمعاهدة "ماستريخت"، بموجب "ميثاق الاستقرار والنمو".
إن وضع سقف للديون الفيديرالية أمر يريح الخزانة الأميركية، إذ يسمح لها بإصدار سندات الدين بسهولة وتحت السيطرة من دون أن تضطر للحصول على موافقة الكونغرس في كل مرة تكون هناك حاجة للاستدانة. في المقابل، هناك تساؤل عن جدوى هذا السقف، وانتقاد له، بسبب الاضطرار إلى تعديله وزيادته باستمرار.
في حال الوصول إلى السقف المحدد للديون الفيديرالية وعدم دفع مستحقات عامة، ستكون الولايات المتحدة في حال تخلف عن السداد، ويكمن الحل الفوري في عدد من الاجراءات الاستثنائية من أهمها: الاغلاق وخفض مستوى النفقات والخدمات العامة،كما حصل عند تسريح 800 ألف موظف حكومي لمدة خمسة أيام إثر رفض موازنة الرئيس بيل كلينتون عام 1995، وآخرها الاغلاق الكبير ما بين 22 ديسمبر/ كانون الأول 2018 و25 يناير/ كانون الثاني 2019 بسبب معارضة النواب زيادة النفقات المقترحة من الرئيس ترامب وأهمها مشروع بناء جدار بين بلاده والمكسيك.