تركيا... انتخابات مصيرية في مئوية الجمهوريةhttps://www.majalla.com/node/291281/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D8%B5%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%A6%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D9%87%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9
الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي تجري في 14 مايو/أيار، ربما تكون أهم انتخابات منذ أول انتخابات متعددة الأحزاب عام 1946.
ونظرا لتزامن انتخابات 2023 مع الذكرى المئوية لتأسيس الجمهورية التركية، فستكون ثمّة قيمة رمزية لمن يفوز بها.
يتولى حزب العدالة والتنمية السلطة منذ عام 2002، حيث حكم رجب طيب أردوغان بين عامي 2003 و2014، رئيسا للوزراء، ثم من 2014 ولغاية اليوم بصفته رئيسا لتركيا. وكان أردوغان، خلال فترة رئاسته للوزراء، يجادل بأن المنظومة السياسية التركية كانت تبطئ تقدّم البلاد، ودعا إلى نظام يمكنه تسهيل تقدم ما سماه «تركيا الجديدة» في قرن وصفه بـ"القرن التركي".
وجاءت محاولة الانقلاب عام 2016 لتقدّم لأردوغان فرصة للمضي قدما في فكرته بتغيير النظام. وفي أبريل/نيسان 2017، جرى استفتاء للتصويت على تعديلات الدستور جاءت نتيجته موافقة لرغبات حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب العمل القومي في تغيير المنظومة. وقد حصل أردوغان على ما يريد بـ25,157,463 (51.41 في المئة) صوتوا بـ«نعم»، مقابل 23,779,141 (48.59 في المئة) صوتوا بـ"لا".
ونتج عن التعديلات الدستورية إلغاء منصب رئيس الوزراء، وحل محله نظام رئاسي ورئاسة تنفيذية، حيث يُنتخب الرئيس كل خمس سنوات.
أظهرت الانتخابات البلدية نجمين صاعدين على المسرح السياسي التركي: أكرم إمام أوغلو، عمدة إسطنبول الجديد (حزب الشعب الجمهوري)، ومنصور يافاش، عمدة أنقرة الجديد (حزب الشعب الجمهوري)
الانتخابات البلدية في مارس 2019
ذهب الناخبون الأتراك إلى صناديق الاقتراع آخر مرةٍ في مارس/آذار 2019 حين جرت الانتخابات البلدية. وكان للانتخابات تأثير سياسي كبير، حيث شكلت النتائج ضربة كبيرة لأردوغان، إذ خسر حزب العدالة والتنمية بلديات المدن الكبرى في إسطنبول وأنقرة وبولو وأنطاليا لمصلحة حزب الشعب الجمهوري. وقد كان حزب العدالة والتنمية مسيطرا على بلديات المدن هذه على مدار الأعوام العِشرين الماضية، وأحيانا لمدة أطول من ذلك، وإن كان تحت لافتات أخرى.
أظهرت الانتخابات البلدية نجمين صاعدين على المسرح السياسي التركي: أكرم إمام أوغلو، عمدة إسطنبول الجديد (حزب الشعب الجمهوري)، ومنصور يافاش، عمدة أنقرة الجديد (حزب الشعب الجمهوري).
الانتخابات البرلمانية المقبلة في 14 مايو 2023
وفقا للمجلس الأعلى للانتخابات، فإن 60.904.499 شخصا مؤهلون للتصويت في صناديق اقتراع يبلغ عددها الإجمالي 190.736 صندوقا، وهناك 3.286.786 ناخبا إضافيا مؤهلون للتصويت في الخارج مُوزعون على 4.969 صندوق اقتراع في 74 دولة. وهؤلاء الأتراك الذين يعيشون في الخارج، وغالبيتهم في ألمانيا، تليها أعداد كبيرة في فرنسا والمملكة المتحدة وهولندا والنمسا.
وقد تأهل 36 حزبا سياسيا للمشاركة في الانتخابات، ولكن أربعة منها ستشارك ضمن قوائم الأحزاب السياسية الأخرى، وبالتالي فلن تظهر سوى أسماء وشعارات 32 حزبا على بطاقات الاقتراع.
وتُقسم البلاد إلى 87 دائرة انتخابية، ولكل دائرة عدد معين من البرلمانيين يختلف حسب عدد السكان. ومجموع أعضاء البرلمان هو 600 نائب، بينهم 98 نائبا يمثلون دائرة إسطنبول.
ولأخذ فكرة عن تركيبة البرلمان الحالي من نواب إسطنبول، يوجد حاليا 43 نائبا من حزب العدالة والتنمية، و27 من حزب الشعب الجمهوري، و11 من حزب الشعوب الديمقراطي، و8 من الحزب الخيّر، و8 من حزب العمل القومي، وعضو واحد فقط من حزب العمال التركي.
تُستخدم طريقة هوندت في حساب عدد أعضاء البرلمان. وسيُحدد حساب وتوزيع النواب في الدوائر الانتخابية مع الأخذ بعين الاعتبار عدد الأصوات التي حصل عليها كل حزب داخل التحالف في تلك الدائرة الانتخابية. تُضاف الأصوات التي جرى الإدلاء بها في الخارج بشكل متناسب مع الأصوات التي تحصل عليها الأحزاب في جميع أنحاء البلاد.
وكانت عتبة الانتخابات في تركيا 10 في المئة، وهي نسبة عالية جدا في حال مقارنتها مع التمثيل الديمقراطي العادل. وقد خُفّضت النسبة في مارس 2022 إلى 7 في المئة، وهو تحسن طفيف، ولكنها لا تزال مرتفعة مقارنة بمتوسط 5 في المئة في جميع ديمقراطيات العالم.
كانت إحدى الحجج التي استخدمها أردوغان لصالح تغيير النظام القديم أنه أنتج حكومات ائتلافية اعتورها العديد من العيوب. مع النظام الرئاسي، لم تعد الائتلافات موجودة، بل حلت محلها «تحالفات» ولكن هذا يعني أن الاسم هو ما تغيّر، أمّا الجوهر فلا يزال كما هو.
وتنطبق العتبة الانتخابية 7 في المئة على التحالفات السياسية والأحزاب الفردية على حدّ سواء. فإذا تجاوز العدد الإجمالي للأصوات في تحالف ما تلك العتبة، تُعتبر جميع الأحزاب المكونة للائتلاف فائزة.
وسنسرد قائمة بالأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات، ونبين حجمها وسياساتها وقدرتها على التأثير في مجرى الأحداث (تسلسل الأحزاب وفقا للأبجدية التركية):
ستدخل الأحزاب الأربعة الأولى كأحزاب مستقلة بقوائم خاصة لكل منها، أما حزب الدعوة الحرة (4 مرشحين) وحزب اليسار الديمقراطي (3 مرشحين) فسيدخلان في قائمة حزب العدالة والتنمية، وقد تم ترشيح قادة هذين الحزبين في دوائر انتخابية في إسطنبول، حيث يُتوقع فوزهما هناك
التحالفات الكبرى وتوزع
الأحزاب السياسية عليها
ستدخل الأحزاب السياسية التحالفات الانتخابية إما بقوائم المرشحين الخاصة بها (قوائم منفصلة) تحت شعارها الخاص، وإما بقوائم مشتركة كجزء من استراتيجية مشتركة. وتشكل المعاقل التقليدية للأحزاب السياسية وكذلك المرشحون عوامل حاسمة في الانتخابات.
في العاشر من أبريل/نيسان، قدمت الأحزاب السياسية قوائمها للمرشحين إلى المجلس الأعلى للانتخابات، وكانت على الشكل التالي:
1. "تحالف الجمهور" (Cumhur İttifakı):
المرشح الرئاسي: رجب طيب أردوغان.
الأحزاب السياسية في التحالف:
حزب العدالة والتنمية: محافظ/قومي.
حزب الوحدة الكبرى: قوميٌ- محافظ.
حزب العمل القومي: قوميٌ مع نكهة محافظة.
حزب الرفاه الجديد: يمين ديني.
حزب الدعوة الحرة: (HüdaPar).
حزب اليسار الديمقراطي.
وستدخل الأحزاب الأربعة الأولى كأحزاب مستقلة بقوائم خاصة لكل منها، أما حزب الدعوة الحرة (4 مرشحين) وحزب اليسار الديمقراطي (3 مرشحين) فسيدخلان في قائمة حزب العدالة والتنمية، وقد تم ترشيح قادة هذين الحزبين في دوائر انتخابية في إسطنبول، حيث يُتوقع فوزهما هناك.
2. "تحالف الأمة" والمعروف أيضا باسم "التحالف السداسي":
المرشح الرئاسي: كمال كليشدار أوغلو.
الأحزاب السياسية في التحالف:
حزب الشعب الجمهوري: يساري وسطي/ ديمقراطي اشتراكي.
الحزب الديمقراطي: يميني وسطي.
حزب الديمقراطية والتقدم: ليبرالي محافظ.
حزب المستقبل: يميني محافظ.
الحزب الخيّر: يميني وسطي/ قومي.
حزب السعادة: ديني، محافظ.
في هذا التحالف الثاني، تحالف الأمة، سيكون الأمر أكثر تعقيدا بعض الشيء، حيث سيشارك 77 مرشحا من ستة أحزاب خارج حزب الشعب الجمهوري على قوائم حزب الشعب الجمهوري. التوزيع هو؛ حزب الديمقراطية والتقدم (25)، وحزب السعادة (24)، وحزب المستقبل (19)، والحزب الديمقراطي (3). كما جرى إدراج نائب سابق من حزب الشعب الجمهوري استقال فيما بعد وشكّل حزبه الخاص، حزب التغيير، في قائمة حزب الشعب الجمهوري أيضا.
سيدخل ثاني أكبر حزب في تحالف الأمة، وهو الحزب الخيّر، الانتخابات بقائمته المستقلة أيضا، ولكن قادة الحزب اتفقوا على التنسيق مع حزب الشعب الجمهوري في الأماكن التي يمكنهم فيها الفوز بالمزيد إذا أضيفت أصواتهم بعضها إلى بعض.
ضمن هذه الاستراتيجية، لن يشارك حزب الشعب الجمهوري في الترشح في 7 دوائر انتخابية، بينما سيمتنع الحزب الخيّر عن الترشح في 9 دوائر. علاوة على ذلك، سيكون لدى الحزب الخيّر 5 مرشحين يشاركون في قوائم حزب الشعب الجمهوري.
3. "تحالف العمل والحرية"
لا يوجد مرشح رئاسي.
الأحزاب السياسية في التحالف:
حزب الخضر اليساري (وهو مصنف كحزب كردي، وسيشارك في الانتخابات ليكون بديلا عن حزب الشعوب الديمقراطي في حال حظر هذا الحزب).
حزب العمال التركي: اشتراكي.
4 أحزاب يسارية/ اشتراكية صغيرة جدا.
وسيشارك حزب العمال التركي بقوائم خاصة في 41 دائرة انتخابية، بينما يشارك مرشحو حزب الشعوب الديمقراطي والأحزاب الأربعة اليسارية الصغيرة في قوائم موحدة.
4. "تحالف آتا" (Ata İttifakı)
المرشح الرئاسي: سنان أوغان.
الأحزاب السياسية في التحالف:
حزب النصر و3 أحزاب صغيرة: يميني متطرف، قومي تركي، مناهض للهجرة. وسيشارك جميع المرشحين في قوائم حزب النصر.
الأطراف ذات الأهمية الخاصة والجدل والانشقاقات
تأسس الحزب الخيّر بعد انشقاقه عن حزب العمل القومي بقيادة ميرال أكشينار، وهي الزعيمة النسائية الوحيدة في الساحة السياسية التركية الحالية.
تأسس حزب المستقبل على يد أحمد داود أوغلو، وزير الخارجية السابق ورئيس الوزراء، الذي انفصل عن حزب العدالة والتنمية.
كما انشق علي باباجان، وزير الاقتصاد السابق ونائب رئيس الوزراء، عن حزب العدالة والتنمية وأنشأ حزب الديمقراطية والتقدم.
تأسس حزب الوطن على يد محرم إينجه، الذي كان مرشح حزب الشعب الجمهوري للرئاسة في عام 2018 واستقال في وقت لاحق بعد خسارته أمام أردوغان. وكان اينجه اعلن انسحابه، وسط توقعات بان يصوت انصاره لصالح معارضي اردوغان.
حزب الشعوب الديمقراطي، الذي يواجه قضية تتعلق بالإرهاب، ومن أجل تجنب خطر عدم القدرة على المشاركة في الانتخابات في حالة الحظر، سيخوض الانتخابات كحزب آخر.
حزب الخضر اليساري، والذي يُسمى أيضا حزب الأكراد، بدعم تقديري من 9 إلى 12 في المئة. ويُلاحظ أن قاعدة دعم حزب الخضر اليساري لا تقتصر على الأكراد ولا يصوت جميع الأكراد لصالحه. هذا ويقبع صلاح الدين دميرطاش، الرئيس المشارك السابق للحزب والسياسي ذو الشعبية العالية، في السجن منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 «لأسباب تتعلق بالإرهاب».
قد يكون حزب العمال التركي النجم الصاعد في الانتخابات، حيث إن لديه 4 أعضاء في البرلمان الحالي، وقد ثُمّنت ديناميته حتى من قِبل أولئك الذين يختلفون معه آيديولوجيا. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن معدل دعمه يبلغ نحو 2.8 في المئة.
حزب النصر، بقيادة أوميت أوزداغ، هو حزب يميني متطرف قومي تركي، وتستند أسسه على مناهضة الهجرة. ويمثل الأشخاص الذين يريدون عودة السوريين والجماعات الأخرى، مثل الأفغان، إلى بلدانهم. وأصبح الحزب مركز جذب في البداية، ولكن يبدو أن شعبيته انخفضت في الآونة الأخيرة.
يقود حزب الرفاه الديني فاتح أربكان، وهو نجل السياسي المحافظ المشهور ومؤسس الحزب نجم الدين أربكان. وعندما طلب حزب العدالة والتنمية من أربكان الانضمام إلى تحالف الشعب، كان رده الرسمي هو: "لا يمكننا أن نكون شركاء في 20 عاما من الخطيئة. لقد وصل حزب العدالة والتنمية إلى نهايته". وعلى الرغم من هذا التصريح الواضح، إلّا أن أربكان بعد فترة وجيزة سحب ترشيحه للرئاسة وأعلن أن حزبه قرر الآن دخول الانتخابات مع حزب العدالة والتنمية وتحالف الشعب.
حزب الدعوة الحرة هو حزب شديد التدين ومناهض للعلمانية والجمهوريين بشكل علني. يقال إنه مرتبط بما يسمى "حزب الله" التركي المسؤول عن عدد من الاغتيالات السياسية/ الآيديولوجية.
حزب الدعوة الحرة حاضر في المشهد بشكل أكبر في جنوب شرقي تركيا، وغالبية أعضائه من الأكراد المتدينين المتطرفين. في انتخابات 2018 بلغ إجمالي ما حصل عليه من أصوات 0.31 في المئة.
يمضي تحالف الأمة المعارض قُدما في تعهده بإعادة ترسيخ العدالة وإنهاء الفساد وتقويم الاقتصاد وجعل تركيا جديرة بالثقة مرة أخرى
الانتخابات الرئاسية
مدة ولاية الرئيس هي 5 سنوات ويجوز انتخاب المرشح لفترتين كحد أقصى.
يجري الترشيح على الرئاسة إما من قِبل حزب/ تحالف سياسي، أو يخوض الراغبون السباق الانتخابي كمرشحين مستقلين. ويمكن لأي شخص مؤهل قادر على جمع 100.000 توقيع من الجمهور التقدم كمرشح مستقل.
إذا لم يتمكن أي من المرشحين من الحصول على "50 في المئة+صوت واحد"، فتجرى الجولة الثانية بعد 14 يوما، في 28 مايو. مع هذا النظام يكون كل صوت مهما، وجميع الأحزاب السياسية، مهما كانت صغيرة، تشكّل فارقا.
المنافس الرئيسي لأردوغان هو كليشدار أوغلو، وهما شخصان وأسلوبان مختلفان. أردوغان يتمتع بشخصية كاريزمية، وهو مستعد للقتال دائما ويملي وجهات نظره على من حوله، فيما كليشدار أوغلو متحدث هادئ ويعطي انطباعا بأنه زعيم يميل إلى الحكم من خلال التشاور.
لم يقدم حزب الشعوب الديمقراطي وحزب العمال التركي أيّ مرشح، ومن المتوقع أن يدعما كمال كليشدار أوغلو في السباق الرئاسي.
يشعر ناخبو المعارضة بالقلق من أن يجذب محرم إينجه بعض الأصوات التي توجد حاجة كبيرة إليها من حزب الشعب الجمهوري، ويذهب البعض إلى حد الادعاء بأن أردوغان يقف وراء حزب إينجه وترشيحه لهذا السبب بالضبط. يدعي إينجه أن نسبة دعمه في الجولة الأولى تبلغ نحو 10 في المئة، كما يدعي أنه المرشح الوحيد الذي يمكنه هزيمة أردوغان في الجولة الثانية.
إينجه مستاء لإهماله من قِبل حزب الشعب الجمهوري، ويبدو أنه جعل من الأمر قضية شخصية. لكنّ كل شيء ممكن في السياسة، وقد يغيّر إينجه موقفه في اللحظة الأخيرة لصالح كليشدار أوغلو.
وماذا عن نواب الرئيس؟
في تركيا، بخلاف الولايات المتحدة الأميركية، لا يترشح نواب الرئيس إلى الانتخابات. يجوز للرئيس تعيين نائب للرئيس أو أكثر، بعد انتخابه. في حالة شغور منصب الرئيس لأي سبب من الأسباب، يجري انتخاب الرئيس في غضون خمسة وأربعين يوما. وحتى ذلك الحين، يمارس نائب الرئيس سلطات الرئيس.
عندما انتُخب أردوغان رئيسا عام 2018، قام بتعيين فؤاد أوكتاي، وكيل الوزارة السابق لرئاسة الوزراء، نائبا للرئيس. هذه المرة ومن جديد، هوية وعدد نواب الرئيس الذين قد يعينهم أردوغان إذا فاز بالانتخابات غير معروفة.
إذا انتُخِب كمال كليشدار أوغلو، فإن جزءا من صفقة تحالف الأمة هو أن يتولى قادة الأحزاب الخمسة الأخرى في التحالف، بالإضافة إلى رؤساء بلديتي أنقرة وإسطنبول، مناصب نواب للرئيس. هذا يعطي انطباعا بوجود مجلس إدارة تحت قيادة الرئيس.
أهم القضايا الانتخابية
قال أردوغان: "لقد وسّعنا اقتصادنا وعززنا ديمقراطيتنا وألغينا الحظر وأعطينا الثقة بالنفس والمصداقية للسياسة الخارجية التركية".
لكن لا يتفق الجميع على ذلك، إذ تجادل المعارضة بأن تركيا تراجعت في كل هذه المجالات تحت حكم أردوغان.
هناك الكثير من القضايا على الأجندة السياسية، ولكنّ القضايا التالية تتصدر القائمة:
التعافي من الزلزال: ضرب زلزال السادس من فبراير/شباط 11 مقاطعة، محدثا خسائر وأضرارا بشرية هائلة. رسميا، حتى العاشر من أبريل/نيسان، لقي 50.399 شخصا حتفهم. وصرح وزير البيئة والتطوير الحضري أن 227.027 مبنى تندرج تحت فئة "الهدم العاجل أو الأضرار الشديدة أو الأبنية المنهارة"، وتُبذل حاليا جهود ضخمة للإنعاش والإعمار وإعادة التأهيل. الصعوبات والتحديات كثيرة.
الاقتصاد: تعاني الحكومة ظروفا اقتصادية صعبة منذ فترة. معدل التضخم السنوي هو 57.68 في المئة، لكن من شبه المؤكد أن الأرقام الفعلية تتجاوز التصريحات الرسمية بكثير. معدل التضخم لأسعار المواد الغذائية هو 7 في المئة لآخر عامين، في حين أنه ينخفض على الصعيد العالمي. كما تبلغ نسبة البطالة 9.7 في المئة، ونسبة الفرد من الدخل القومي في حالة جمود منذ سنوات، فيما فقدت الليرة التركية قيمتها مقابل العملات الأجنبية، وغالبية الشعب التركي أكثر فقرا. تدّعي الحكومة أن الاقتصاد في وضع جيد للغاية، وأن أي آثار سلبية ناتجة عن الظروف العالمية والزلزال. وبينما تدرك المعارضة الصعوبات الناجمة عن هذه العوامل، إلّا أنها تلقي بالجزء الأكبر من اللوم على السياسات الحكومية.
الأمن: تم كبح أنشطة حزب العمال الكردستاني في تركيا إلى حد كبير، وقد قُتل أو أسر عدد من أعضائه القياديين. لكنّ المشكلة لا تزال قائمة، ولها بُعدين سوري وعراقي.
عودة السوريين وغيرهم: هناك أكثر من 4.5 مليون سوري وأفغاني في تركيا. يرى العديد من الأتراك أن الوقت قد حان لعودتهم إلى بلدانهم، وتُعتبر هذه إحدى أهمّ القضايا بالنسبة للناخبين.
السياسة الخارجية: تحاول الحكومة إظهار أن تركيا تبلي بلاء حسنا في العلاقات الدولية. كانت هناك بعض النجاحات المزعومة، ولكن بشكل عام، الأمور ليست إيجابية بالدرجة التي تصورّها الحكومة. يمكن الاستشهاد ببعض الأمثلة هنا: لم تتحرك جهود التقارب مع نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا بالطريقة التي تريدها الحكومة، على الأقل حتى اليوم. العلاقات مع الاتحاد الأوروبي مجمدة. مرة أخرى، لم يدعُ الرئيس الأميركي جو بايدن تركيا إلى "القمة من أجل الديمقراطية"، كما لم تتم صفقة بيع الطائرات المقاتلة من طراز "16-F" ومعدات التحديث، على الرغم من أن الإدارة الأميركية تقول إنها تدعم هذه الصفقة.
لكنّ استطلاعات حزب العدالة والتنمية تحكي قصة مختلفة، حيث قال نائب رئيس الحزب إنه، وفقا لآخر استطلاع أجرته فرق الحزب، فإن أصوات أردوغان تبلغ 53 في المئة، بينما تبلغ نسبة أصوات حزب العدالة والتنمية 41 في المئة، وهي إلى ارتفاع.
على أي حال، فإن وجهة النظر الموضوعية هي أن شعبية حزب العدالة والتنمية قد تراجعت.
وتجادل المعارضة أيضا بأنه حتى لو خسر أردوغان فإنه لن يتخلى عن السلطة بسهولة، فلديه ورفاقه الكثير ليخسروه، ومن هنا تأتي مخاوف المعارضة من تزوير الانتخابات.
ماذا بعد؟
تركيا في ظل انقسامات عميقة للغاية بين الأطراف المتعارضة حول كل قضية تقريبا.
الاحتمالات الثلاثة الأكثر ترجيحا في نهاية الانتخابات هي:
فوز أردوغان بالرئاسة والأغلبية في البرلمان.
فوز أردوغان بالرئاسة وخسارته الأغلبية في البرلمان.
خسارة أردوغان الرئاسة والأغلبية في البرلمان.
ينظر كثيرون في تركيا وخارجها إلى أردوغان على أنه استبدادي بشكل متزايد. وعلى الجانب السلبي، اتسمت فترة ولايته- خاصة في السنوات القليلة الماضية- بالأزمات ومزاعم الفساد والظروف الاقتصادية الصعبة، مع ذلك لا يزال لديه أنصاره المتشددون. يبدو أن شعبيته تفوق شعبية حزبه، لكن على الرغم من ذلك، يبدو أنها انخفضت مقارنة بالسابق.
يشير أردوغان وأنصاره إلى أن تركيا في طريقها إلى وثبة كبيرة، ويزعمون أنهم وحدهم القادرون على إدارتها. أطلق أردوغان حملته تحت شعار "القرن التركي"، وقدّم برنامجه الانتخابي الذي يتضمن دستورا مدنيا جديدا ومدنا مقاومة للكوارث وإصلاحات تعزز سيادة القانون وخفض التضخم ومواصلة تطوير السياسة الخارجية بالاستناد الى أسس الإنسانية وما يمليه الضمير.
على الجهة المقابلة، يمضي تحالف الأمة المعارض قُدما في تعهده بإعادة ترسيخ العدالة وإنهاء الفساد وتقويم الاقتصاد وجعل تركيا جديرة بالثقة مرة أخرى.
لقد أكد كليشدار أوغلو أنه يجب ترميم كل شيء، وأن إحدى أولوياته القصوى ستكون إصلاح هياكل الدولة التي تضررت من السياسات الحزبية في عهد حزب العدالة والتنمية.
الرابح في الانتخابات، ستكون لديه قضايا كثيرة للتعامل معها.