كان انكماش هيمنة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أمرا لا مفر منه، بسبب الأولويات العالمية الجديدة أمام أميركا والمتمحورة حول المحيطين الهندي والهادي وأوروبا. إلا أن هذا التحول التاريخي حمل معه حالة من عدم اليقين والارتباك الاستراتيجيين، ليس لواشنطن فحسب، إنما أيضا لشركاء الولايات المتحدة الإقليميين.
وكي تتحرك واشنطن بفعالية في هذه البيئة الجديدة المتنازع عليها في الشرق الأوسط، وعلى الأخص لمواجهة تسلل الصين إلى ذلك الجزء الحيوي من العالم، فإنها تحتاج إلى وضوح في السياسة وإلى إدارة حاذقة لعلاقاتها مع شركائها الإقليميين.
لم تعد سياسة الولايات المتحدة القديمة في الشرق الأوسط مجدية لا في السراء ولا في الضراء. وهي سياسة اقتضت ولاء الشركاء العرب التام لها، وافترضت عداوتهم الجماعية لإيران. فالمصالح الاقتصادية تدفع كثيرا من القوى الإقليمية لزيادة تجارتها مع الصين وعقد مزيد من الصفقات التجارية معها، بينما ينحو النهج الدبلوماسي الجديد للشركاء الخليجيين في مسألة الأمن نحو تهدئة العلاقات مع إيران وتطبيعها.
لذلك، فالمطلوب من أميركا أن تصوغ مجموعة جديدة من قواعد اللعبة، ولا سيما في مسألة المنافسة مع الصين. كما ينبغي صياغة هذه القواعد بعناية وإيصالها، داخليا وخارجيا، على نحو فعال.