"أنا علوي مسلم مخلص"... بهذه الكلمات البسيطة والواضحة، التي نشرها عبر مقطع مصور قصير بعنوان "علوي"، كسر زعيم المعارضة التركية ومرشحها في الانتخابات الرئاسية المُقبلة كمال كليشدار أوغلو واحدة من أكبر "محرمات" الحياة السياسية التقليدية في البلاد، المتمثلة في المداولة السياسية والنقاش العلني لـ"المسألة العلوية" في تركيا.
خلال يوم واحدٍ فقط، شوهد المقطع أكثر من 60 مليون مرة، واستعاد نقاشاً سياسياً وثقافياً واجتماعياً واسع النطاق، خاص بالعلويين في تركيا. استرجع مجموعة من الأحداث التاريخية والخطابات السياسية والمحددات القانونية الخاصة بأبناء هذه الطائفة وأحوالهم في تركيا، لكن بالذات التحولات التي طرأت عليهم خلال العقدين الماضيين، حكم خلالهما حزب العدالة والتنمية "الإسلامي"، أثر بهما على وعي الجماعة العلوية التركية بذاتها وخياراتها وتوجهاتها السياسية.
في المقطع المصور، حاول زعيم المعارضة التركية إخراج "المسألة الطائفية" من حيز الاستقطاب الذي تشهده البلاد، مذكراً أن هويته الأهلية/الطائفية هي من الأشياء التي "لم يخترها"، مقابل انتقائه الحُر وانتمائه لقيم المدنية الثقافية والديمقراطية السياسية والعلمانية الدستورية والصدق الاجتماعي، داعيا الناخبين إلى الالتفات إلى ما هو إيجابي وذو قيمة ومشترك فيما بينهم، دون إعطاء أية قيمة للمسارات والنزعات الطائفية.
لكن المراقبين للشأن الداخلي التركي يشككون في ذلك المستوى من "الطهرانية"، مؤكدين البُعد الديني/الطائفي في الصراع السياسي في البلاد. فإلى جانب البرامج الاقتصادية واستراتيجية العلاقات الخارجية، فإن القوى السياسية والمجتمعية التركية منقسمة طائفيا حول قطبي الشرخ الطائفي: المحافظين الإسلاميين السُنة، ونُظرائهم العلويين.
فطرفا الحياة السياسية في البلاد: الرئيس أردوغان وحزب العدالة والتنمية، ومعهم حزب الحركة القومية "القومي المتطرف"، مُتهمان باستخدام الخطابات والمواقع والحساسيات والتحريض الديني، في مواجهة قوى المعارضة بزعامة حزب الشعب الجمهوري "الأتاتوركي العلماني" ومرشحها الرئاسي كمال كليشدار أوغلو "العلوي".