الواقع في فلسطين، والذي يسميه الباحثون "واقع الدولة الواحدة"، كما وضّحته عشرات الكتب والدراسات التي صدرت في العقود الأخيرة، والتي توّجت مؤخّرا في كتابين على درجة كبيرة من الأهمية والتأثير (الذي حرره: مايكل بارنيت، وناثان براون، ومارك لينش، وشبلي تلحمي)، والمتمثل في حالة استعمار كولونيالي إلى جانب حالة تفوق عرقي/أبرتهايد، لم ينشأ فقط بسبب الممارسات الإسرائيلية، ولا بسبب دعم دولي تقف على رأسه الولايات المتحدة كداعم مركزي لإسرائيل، ولا بسبب تقاعس عربي رسمي، وكلها أسباب وجيهة وعوامل مركزية. بل إن أحد أهم اللاعبين الذين مكنوا هذه الحالة من الاستشراء والسيطرة والتفوق العرقي الإسرائيلي، هم الفلسطينيون أنفسهم.
يرتكز ادعائي هذا على نقطتين أساسيتين: الأولى تتعلق بالماضي والحاضر، وتتمثل في تفكك الفلسطينيين أو على الأقل عدم قدرتهم على التنظيم كمجتمع وطني وتفشي حالة الفوضى الاجتماعية لديهم كعامل مركزي في تمكن إسرائيل ونظام التفوق العرقي، منذ النكبة عام 1948، إلى يومنا هذا، وصولا إلى بسط سيطرتها على ما يسمى "واقع الدولة الواحدة". والثانية لها صلة بالمستقبل، وتتمثل في عدم قدرة الفلسطينيين على صياغة شكل متخيل، متفق عليه نوعا ما لشكل فلسطين التي يريدونها، ويريدون دعم العالم لهم لأجل تحقيقها، بما في ذلك إقناع جزء من الإسرائيليين بضرورة دعمهم لها، من أجل الانتقال من "واقع الدولة الواحدة" إلى "الدولة الواحدة الديمقراطية" التي يجب أن تكون في رأيي في كل فلسطين التاريخية وتعتمد المساواة الكاملة بين الأفراد والتكافؤ الحقيقي بين عموم الفلسطينيين وعموم الإسرائيليين، على أساس ديمقراطية توافقية وجوهرية.