بيروت: قبل أسابيع وتحديدا في مارس/ آذار الماضي نشرت إحدى الصحف المحلية اللبنانية فيديو وصف "بالصادم" لحوار بين رئيس بلدية القاع الحدودية ولاجئ سوري، تحدث فيه هذا الأخير عن زيجاته الثلاث وعدد أولاده وما يتقاضاه من مفوضية اللاجئين. ظهر رئيس البلدية في الفيديو بدور المحقق، انهال على اللاجئ بأسئلة وصفها البعض بـ "العنصرية"، سأله عن سبب رفضه عودته إلى سوريا، وإن كانت لديه مشكلة مع النظام وأسباب بقائه في لبنان، وكيف تزوّج الثالثة على حساب "مفوضية الأمم" على حدّ تعبيره.
كان هذا المقطع المصور بمثابة توثيق متعمّد، للقول إن بقاء النازح السوري في لبنان مرتبط بالمساعدات التي يتلقاها من قبل مفوضية اللاجئين، وإن رفض عودة آلاف اللاجئين إلى سوريا لم يعد رهن الحرب والعداء مع النظام، بل رهن المساعدات التي لن تكون متوفرة في حال العودة، إضافة إلى الأعمال اليومية التي تعود على اللاجئ بمردود شهري يفوق راتب موظف في القطاع العام اللبناني بعد الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ بضع سنوات!
تطرق الفيديو أيضا إلى عدد أولاد اللاجئ الذي قصد مكتب رئيس البلدية لاستحصال ترخيص ينقل بموجبه خيمه الثلاث من مشروع زراعي إلى آخر، وبحسب الفيديو فإن عدد أولاده يصل الى 16 ولدا، الأمر الذي أثار موجة من التعليقات والمخاوف حول التغيّر الديمغرافي المقبل عليه لبنان في حال عدم ضبط أزمة اللجوء، ومقارنات بين ولادات السوريين التي تفوق ولادات اللبنانيين، وخطر عدم تسجيل نسبة كبيرة من هذه الولادات على النسيج اللبناني.
بعد واقعة الفيديو بأسابيع معدودة عادت قضية النازحين الى الواجهة من جديد، عبر حملة "ثلاثية الأبعاد"، بدأت مع ترحيل السلطات الأمنية نحو 50 سوريا دخلوا لبنان خلسة عبر المعابر البرية غير النظامية، ووضعوا خارج الحدود، بعد حملات مداهمة واسعة لتوقيف سوريين لا يملكون إقامات أو أوراقا ثبوتية، أسفرت عن توقيف نحو 450 شخصا، رُحّل أكثر من ستين منهم إلى سوريا، وفق ما أفاد به مصدر في منظمة إنسانية مطلع على ملف اللاجئين. يضاف إلى ذلك دعوة بعض البلديات السوريين المقيمين إلى تسجيل أسمائهم لديها، وطالبتهم بإحضار جميع الأوراق الثبوتية للتأكد من مطابقتها شروط الإقامة، وكل من يتخلف "يعتبر مقيما غير شرعي وسيتم ترحيله".