الاتفاق بين السعودية وإيران لن يحل موضوع اليمن، النفوذ في اليمن سيبقى رصيدا حاسما لإيران في زيادة وزن الأعباء اللوجستية على المملكة والحفاظ على اليمن كأهم نقاط شبكة الارتكاز في الاستراتيجية الإيرانية. طهران ستواصل سياسة التحسين النوعي للقدرة العملياتية لما يسمى "محور المقاومة"، بما في ذلك تطوير الروابط العملياتية الأفقية بين الجماعات الشيعية المسلحة في المنطقة من اليمن وحتى الهلال الخصيب ورفع قدرات التنسيق والتشغيل البيني لديها.
لكن الدور الإيراني، رغم كل التحفظات، "ضروري، وإن كان غير كافٍ"؛ (لتمكين) التقدم نحو السلام الشامل في اليمن الذي هو أكثر تعقيدا ويرتبط أيضا في معظمه بالداخل اليمني أكثر من الخارج:
في تغير فعلي، وربما مثّل اختراقا في مسار الحرب المستمرة منذ أكثر من 8 أعوام، زار وفد سعودي مؤخرا العاصمة صنعاء، والتقى بقيادات لجماعة "أنصار الله" وعلى رأسهم رئيس ما يسمى "المجلس السياسي الأعلى" السيد مهدي المشاط. قد تكون هذه الزيارة انطلاقة جديدة لبدء مفاوضات لإنهاء الحرب والوصول باليمن لخريطة طريق تخرج اليمن من أزمته. لكن الخشية دائما من انتكاسة تعود بالجميع للمربع الأول، قد تكون الأرضية التي وفرها الاتفاق السعودي- الإيراني هي أهم ما يمنع هذا النكوص. لكن يبقى السؤال: هل سينهي الاتفاق السعودي الإيراني أزمة اليمن وصراعاته المستمرة؟
لن تكون الإجابة على سؤال مثل هذا سهلة، فالمصالحة السعودية- الإيرانية بالقطع ستخفض التصعيد وقتيا، على الأقل التصعيد الموجه مباشرة للمملكة العربية السعودية، فليس من المتوقع أن يطلق أعوان إيران على المملكة الطائرات المسيّرة من دون طيار والصواريخ الباليستية والقذائف القصيرة والمتوسطة والصواريخ الجوالة المنخفضة التكاليف- عادة عشرات أو مئات الآلاف من الدولارات على الأكثر- فيما تعتزم إيران إعادة فتح بعثتها الدبلوماسية في الرياض، إلا أن الصفقة لن تغير التخطيط الإيراني على المدى المنظور واعتماده على حلفاء يشكلون جسما واحدا وقوة عنيدة في عموم المنطقة ولن يقلل من الانتشار الجغرافي لشبكة حلفاء إيران في المنطقة.
ولا يمكن تفسير محادثات السلام في اليمن والإشارات الإيجابية المتعددة القادمة من مناطق الصراع في اليمن بأكثر من ضغط مؤقت من الايرانيين على الأفراد والجماعات الموالية لهم لتخفيف حدة التوترات في المرحلة الحالية حتى يقف الاتفاق السعودي الإيراني على قدميه. فمن الخطورة بمكان تفسير هذه التهدئة على أنها رغبة إيرانية في التخلي عن أداة قوتها في جنوب شبه الجزيرة العربية.
الاتفاق السعودي- الإيراني لن يغير تخطيط طهران على المدى المنظور واعتمادها على حلفاء يشكلون جسما واحدا وقوة عنيدة في عموم المنطقة ولن يقلل من الانتشار الجغرافي لشبكة حلفاء إيران في المنطقة.