جيفري هينتون، رجل الذكاء الاصطناعي الأول لدى "غوغل"، الذي استقال منذ يومين، انضم إلى جوقة الذعر بعد فترة قصيرة من إطلاق "تشات جي. بي. تي." في نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم وما أثاره من ذهول بسبب التطور الكبير والسريع للذكاء الاصطناعي التوليدي الذي يقوم عليه التطبيق، والذي اعتبره هينتون مؤشرا لمستقبل خطير على الأبواب قد لا يعود القرار فيه للبشر عندما تصبح الروبوتات أشد ذكاء.
ما أعلنه هينتون، الملقب بعراب القطاع (AI) ليس جديدا، فقد سبقه كثر من الشخصيات البارزة في عالم التكنولوجيا والأعمال، منهم إيلون ماسك، مالك شركة "تويتر" (أو "أكس كورب" كما صارت تسميتها الشهر الماضي) والرئيس التنفيذي لـشركة "تسلا"، ستيف وزنياك أحد مؤسسي "أبل"، ستيوارت راسل، أستاذ علوم الكومبيوتر في جامعة كاليفورنيا، وماكس تيغمارك، أستاذ الفيزياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وإيفان شارب، أحد مؤسسي "بينترست"، وكثيرون غيرهم ممن وقّعوا كتابا مفتوحا في نهاية مارس/آذار المنصرم، دعوا فيه مع أكثر من ألف وثلاثمئة شخصية أخرى، الى تجميد تطوير أقوى أنظمة روبوتات الذكاء الاصطناعي لفترة من الزمن، نظرا الى الخطر الذي تشكله هذه الأنظمة إذا تمادت في تطورها من دون قوانين أو ضوابط. اللافت أن أحد موقّعي الكتاب آنذاك هو يوشوا بنجيو، الأب الروحي الثاني للذكاء الاصطناعي، الذي فاز مع هينتون ويان لوكان بجائزة "تورينغ" لعام 2018 عن أبحاثهما في "التعلم العميق" (Deep Learning) لهذه التكنولوجيا.
سبقت ذلك، مواقف قلقة أخرى من المسار المتبع في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي في مختلف استخداماتها، منها لبيل غيتس، مؤسس "مايكروسوفت" نفسه الذي ينافس حاليا على حصة دسمة من القطاع، وبيتر ثيل، أحد أبرز ممولي شركة "أوبن إيه. آي"، الذي نفى وجود أي دليل على كيفية تطوير ذكاء اصطناعي آمن!
دعوة "بيضاوية" فارغة؟
استقالة هينتون زادت الذعر بلة، فاستدعى البيت الأبيض أمس الرؤساء التنفيذيين للشركات الأميركية الأربع الرائدة في الذكاء الاصطناعي والابتكار التقني: "مايكروسوفت" و"غوغل" و"أوبن إيه. آي." و"أنثروبيك"، التي علا صخبها في الآونة الأخيرة مع احتدام المنافسة في ما بينها. وقد يعتبر هذا الاستدعاء أول رد فعل على استقالة هينتون وما صدر عنه من تصريحات مقلقة. الهدف المعلن من الدعوة مناقشة المخاوف المثارة حول الأخطار المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، من انتهاكات للخصوصية والتحيز وإمكان انتشار عمليات الاحتيال والمعلومات المضللة، وواجب هؤلاء الرؤساء التنفيذيين ضمان التصرف المسؤول في إدارة شركاتهم وابتكار منتجاتهم. كان الرئيس جو بايدن واضحا في تأكيده واجب هذه الشركات التثبت من أن منتجاتها آمنة قبل إعلانها ووضعها في تصرف الأفراد حفظا لسلامتهم وصونا لحقوقهم.