القائم- العراق: يحكي أحد أفراد قوات الأمن العراقية كيف كان رد فعل زميل لابنه الصغير، عندما ذهب إلى منزل الصبي البالغ من العمر 10 سنوات في مدينة القائم بمحافظة الأنبار، قرب الحدود السورية.
"لقد بدأ بالصراخ في وجهي وهو يتهمني بأنني قتلت والده، ورفض رفضا قاطعا قبول الهدية التي أحضرتُها له".
كان والد الصبي مقاتلا في صفوف "داعش" وقُتل قبل سنوات. وأمضت عائلته التي أُسرت عدّة سنوات في مخيم الهول الواقع شمال شرقي سوريا، قبل أن يُخلى سبيلهم ويعودوا إلى العراق.
أُعلن عن هزيمة "داعش" إقليميا في ديسمبر/كانون الأول 2017 في العراق، وتلت ذلك هزيمته الأخيرة في معقله الإقليمي الأخير في الجزء الغربي من سهل الباغوز، على الحدود السورية العراقية شمالي القائم.
لقد اجتاز كثير من العائلات والمقاتلين الذين طُردوا من بلدتي القائم وراوة غربي الأنبار عام 2017 الحدودَ، متجهين إلى سوريا. كانت راوة آخر مدينة في العراق تحررها قوات الأمن العراقية بدعمٍ جوي من التحالف الدولي بقيادة الولاياتِ المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني 2017. ورافقت كاتبة هذه السطور القوات العراقية إلى صحراء غرب الأنبار خلال العمليات المذكورة التي توقفت عند الحدود بين البلدين التي لم يعترف التنظيم الارهابي بها خلال سنوات سيطرته على المنطقة.
بعد هزيمة "داعش" عام 2019 في الباغوز السورية، انتهى المطاف بالعديد من هؤلاء المواطنين العراقيين في مخيم الهول الواقع إلى الشمال في محافظة الحسكة، تحت الإدارة الذاتية التي يقودها الأكراد شمال شرقي سوريا، أو انتهى بهم المطاف في مراكز الاحتجاز الواقعة في المحافظة نفسها. وبعد مضي أربع سنوات لا يزال عشرات الآلاف من الأشخاص المشتبه في تورطهم و/أو صلاتهم بمقاتلي "داعش" محتجزين في هذه المنشآت والمخيمات.
قال ضابط الأمن لـ"المجلة" أثناء احتساء الشاي خلال رحلة صحافية إلى مدينة القائم أواخر أبريل/نيسان: "كنت قد قدمت للصبي الصغير في المرة الأولى التي التقيته فيها أيضا هديةً وقد قبلها، ولكنني كنت أرتدي ملابس مدنية حينها. ولكن رد فعله في المرة الثانية حين كنت أرتدي زي الشرطة، كان سيئا، وقال إننا جميعا قَتَلة".
وأضاف الرجل، الذي طلب عدم ذكر اسمه بسبب المنصب الذي يشغله، قائلا: "يحتاج هؤلاء الأطفال إلى المساعدة وإلا فإن خشيتنا كبيرة من أن يكبروا وهم يُكِنّون الكره لنا ولأطفالنا، عندئذ فالله أعلم ماذا سيحدث".