أبوظبي: لم يستغرب علي أبو الريش أن تصبح الكتابة بالنسبة إليه عادة يومية يمارسها كما يتنفس الهواء، يقول: "أكتب يوميا ولا أعرف أن أكتب قبل أن أقرأ على الأقل لساعتين ومن ثم أبدأ بالكتابة".
يُعتبر أبو الريش الكاتب الإماراتي الأكثر إنتاجية، ففي رصيده 26 رواية بدءا من روايته "الاعتراف" التي أصدرها عام 1982 والتي صنفت ضمن أفضل 100 رواية عربية في القرن العشرين، كما أصدر مجموعتين قصصيتين ومسرحيتين، إلى جانب عدد من الكتب الفكرية والبحثية التي لم تخلُ من لغته الأدبية مثل كتابه "البحر في الذاكرة الإماراتية – تراجيديا الحياة والموت" وغير ذلك.
ما لم تقله الرواية
على الرغم من أن رواية علي أبو الريش "جلفاري على ضفاف النيل" (2020) لا تتناول سيرته الذاتية، لكنها اقتربت من بعض تفاصيلها. يوضح: "السيرة الذاتية مختلفة تماما عن العمل الروائي، فالسيرة تحتاج إلى فضاء أوسع، وفيها تسلسل لأحداث خاصة وذاتية، وتكشف’جلفاري على ضفاف النيل’ عن جزء من حياة طالب يعيش في القاهرة بالذات وهناك وصف للنيل الذي يعد سمة مصر، أما البداية فكانت من هنا ثم الدراسة في القاهرة ثم الرجوع إلى الإمارات والعمل في أبوظبي وفي خلال هذا هناك العديد من الأحداث منها السار ومنها غير السار مثلما هي حياة الإنسان".
استبعاد أبو الريش أن تكون هذه الرواية سيرة ذاتية، لا يعني أنه لن يكتب سيرته. يقول: "لدي خطة لكتابة سيرتي الذاتية، ولكنْ بعد الانتهاء من بعض المشاغل، سأتفرغ للعمل على سيرتي فهي تضمّ تفاصيل لم تكشفها الأعمال الروائية رغم أنه لدي 26 عملا روائيا، إلا أنها لم تكشف عن الأشياء الخاص بي، بقدر ما عن الأشياء الخاصة بالناس والوطن وغير ذلك".
يلقب علي أبو الريش بـ "شيخ الروائيين" لكنه يؤكد: "لا أهتم كثيرا بالألقاب لكنهم لقبوني مشكورين بهذا اللقب، وأعتقد أن كل كاتب ولو قدم عملا واحدا جيدا أعتبره شيخا بهذا المجال، لذلك لا أنتظر الألقاب فالكتابة إثبات وجود".
رغم أن "شيخ الروائيين" شاء التنوّع في مواضيعه التي طرحها في رواياته المتعددة، فقد بقيت لغته تنساب بتدفق الماء الصافي، فهي الخيط الخفي الذي يربط هذه الأعمال ليشكل البصمة التي تميزه، يكشف: "أنا أعشق اللغة العربية قبل أن أنتمي إلى الرواية لأنّ لهذه اللغة مذاقها الخاص... مترادفاتها ومحسناتها البديعية وأبجديتها الأساسية، ربما هناك أكثر من ثلاثة ملايين مفردة في لغتنا العربية، وهناك من يقول إنها تصل إلى عشرين مليونا، فهي لغة ممتدة غير لغات العالم كلها، في اللغة الإنكليزية على سبيل المثال لا يوجد إلا تسميات قليلة للحصان، أما في لغتنا فللحصان والجمل وللإنسان نفسه عدة مفردات فهي لغة بالغة الثراء والجمال، ولهذا أنتمي إليها وتجعلني ألاحق هذه المفردات". ويضيف: "في نهاية المطاف، العمل الروائي شكل من أشكال الجمال وكلما اتسمت اللغة بالجمال، ازدادت عمقا وازداد الإنسان عشقا لها، وأساسا قيمة اللغة في جماليتها، وعندما نكتب نكون بمستوى اللغة بعيدا عن اللغة الدارجة والبسيطة، حتى إن القارئ يشعر بأنه يعيش مع هذه الرواية".