أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في بيان صدر في وقت متأخر من مساء الأحد 30 أبريل/ نيسان، مقتل الزعيم العالمي لـ"داعش"، أبو الحسين القرشي، في عملية استخباراتية تركية جرت شمالي سوريا يوم السبت 29 أبريل/نيسان. ويبدو أن عناصر سرية من جهاز الاستخبارات التركي كانوا يتابعون زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في حركاته وسكناته منذ عدة أسابيع.
وإذا ما تأكّدت مزاعم تركيا، فسيكون هذا ثالث زعيم لتنظيم داعش يُقتل خلال 14 شهرا– مما يضع قيادة التنظيم الإرهابي في جميع أنحاء العالم تحت ضغط جدي غير مسبوق. ولكن للقصة وجها آخر، ففي خضم موسم الانتخابات في تركيا الذي وصل إلى ذروته، يبدو أن مثل هذا الإنجاز في مكافحة الإرهاب سيمنح أردوغان ورقة لعب جديدة لاستغلالها، ولا سيّما على ضوء التقارير التي وردت بأن هجوما بمسيّرة تركية في 29 أبريل/نيسان وقع بالقرب من كوباني وقتل عبد الله صبري الرئيس المزعوم لمخابرات "وحدات الحماية الشعبية" (YPG).
ووفق مصادر سورية معارضة في منطقة جنديرس، فقد أغلقت قوات النخبة التابعة للاستخبارات التركية في مساء يوم 28 أبريل/ نيسان الطرقِ الرئيسة المؤدية إلى مجمع شمالي البلدة الواقع في منطقة ريفية والمحاط بأشجار الزيتون من كل صوب. وحاصرت القوات المجمع قبل أن تأمر كل سكانه بالاستسلام. ولكن سرعان ما اندلعت اشتباكات عنيفة، نجمت عن إطلاق نار من داخل المجمع. بعد وقت قصير فجّر أبو الحسين القرشي نفسه في غرفة الاستقبال الأمامية المواجهة للبوابات الرئيسة للمجمع. أبقت القوات التركية المجمع مغلقا ومنعت الدخول والخروج منه وإليه طوال اليوم التالي، حيث كانت تجمع الأدلة من المبنى.
لا يُعرف أي شيء تقريبا عن هوية أبو الحسين، ولم يزدْ الإعلان الرسمي لتنظيم داعش حين أُعلن استخلافه في قيادة التنظيم أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2022، عن زعم الجماعة الإرهابية فقط أنه كان من "قدامى المحاربين في الجهاد". ويُعتقد أنه عراقي، ولكن لا تتوفّر أي معلومات أخرى عنه.
ولا يعكس مثل هذا المستوى من الغموض قدرة داعش على إخفاء قادته، بقدر ما يعكس الضغط الشديد الذي مورس على قيادته في السنوات الأخيرة؛ ففي أكتوبر/تشرين الأول 2019، قُتل زعيم تنظيم الدولة الإسلامية سيء السمعة أبو بكر البغدادي، شمال غربي سوريا، ثمّ قُتل خليفته أبو إبراهيم القرشي في فبراير/شباط 2022، ليتبعه خليفته أبو الحسن القرشي، بعد ثمانية أشهر فقط جنوبي سوريا في أكتوبر 2022، ما مهّد إلى صعود أبو الحسين إلى قيادة التنظيم. ولعل ما يزيد الضغط على أعلى مستويات قيادة داعش هو الحملة المستمرة التي تخوضها القوات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية ضدّ الكوادر والقيادات العملياتية الوسطى لتنظيم داعش، ما وضع التنظيم، على مدار العام الماضي، تحت ضغط كبير.