في نهاية الأسبوع المنصرم، ساعدت الحكومة الأميركية مئات الأميركيين على النجاة بأنفسهم من السودان بنجاح، وهي قصة مثيرة للاهتمام جرت عل هامش الحدث الإخباري الرئيس الذي لا تزال فصوله تتوالى على بلد يتأرجح في صراع أوسع.
لكن الطريقة التي تضافرت بها هذه الجهود، بالإضافة إلى الانتقادات التي وجهها بعض الأميركيين الذين لديهم أقارب محاصرون في السودان، أثارت تساؤلات حول سبب إعطاء الولايات المتحدة الأولوية لإغلاق السفارة وإرسال موظفيها إلى الوطن أولا، بدلا من مساعدة المواطنين الأميركيين على الهروب من الوضع الخطير الذي يتكشف في السودان.
1. طريقة الإجلاء من السودان: القاعدة وليس الاستثناء في سياسة واشنطن
أول ما ينبغي فهمه في كيفية استجابة حكومة الولايات المتحدة في السودان هو الاستجابة العملياتية القياسية هذه الأيام التي تتمّ عندما يتعلق الأمر بحماية موظفي السفارة أولاً، ثم القيام فيما بعد بما في وسعها لمساعدة المواطنين الأميركيين العاديين الذين لا يعملون بصفة رسمية في الحكومة. وفي حالات مماثلة أخرى جرت مؤخرا في مناطق مثل سوريا وفنزويلا واليمن، أوقفت الولايات المتحدة العمليات الدبلوماسية وأجلت الموظفين الرسميين أولاً، لكنها لم تتخذ خطوات كبيرة لمساعدة المواطنين الأميركيين العاديين على الخروج من البلاد. وكذلك الأمر في أوكرانيا حين تعرضت للغزو الروسي والاحتلال عام 2022، اتخذت إدارة بايدن قرارا بإغلاق السفارة الأميركية لفترة وجيزة في كييف، عاصمة أوكرانيا، ولكن لم يكن هناك إجلاء عسكري للدبلوماسيين أو المواطنين العاديين.
وقد يسأل سائل لماذا بدت الولايات المتحدة وكأنها تبذل نشاطا أكبر في مساعدة المواطنين الأميركيين العاديين الذين كانوا يعيشون في أفغانستان أثناء الانسحاب الأميركي في أغسطس/آب 2021 وما تلاه. في تلك الحالة، ساعدت الحكومة الأميركية في اتخاذ ترتيبات خاصة لإجلاء الدبلوماسيين وكثير من المواطنين الأميركيين وعشرات الآلاف من المدنيين الأفغان الذين شعروا بالخطر بسبب علاقتهم بالولايات المتحدة أو بالحلفاء الآخرين الذين كانوا ينهون وجودا عسكريا في أفغانستان استمر 20 عاما بهدف الدفاع عن الحكومة الأفغانية التي انهارت أثناء سيطرة طالبان على السلطة قبل أكثر من عام ونصف العام.