هوليوود: كلما نطق الصبي فريدي بكلمة "شازام" تحوّل إلى "بطل خارق” لا يُشَقّ له غُبار. المغزى من سلسلة "شازام" التي نشاهد منها حاليا الجزء الثاني تحت عنوان "غضب الآلهة"، هو أن بعضنا يستطيع التغيّر جسديا إلى وضع بطولي تختاره السينما له.
لك أن تتخيل مئات الآلاف من الأولاد حول العالم الذين يصيحون، وقد شاهدوا هذا الفيلم حديثا، "شازام"، متخيلين اكتساب قوة استثنائية ومدركين، في الوقت ذاته، أنهم عاجزون عن فعل ذلك، على عكس بطل الفيلم الذي ينقلب من طفل إلى رجل مغوار (زكاري لَفي). البديل لذلك العجز، هو تشغيل الذهن بالتصرّف على أساس قدرات غير موجودة تتلبّس الأطفال قبل دخول المدارس وبعد انصرافهم وفي المنزل وأمام الشاشات أو في أي واقع آخر.
هي "شيزوفرينيا" مسموح بها، يمر بها الأولاد الذين يستجيبون لما يشاهدونه من أفلام الأبطال الخارقين. إنهم، في عمق مداركهم، يمثّلون ما لا يستطيعون فعله. تتجلى في الواجهة رغبتهم في الانصهار مع شخوص آخرين قادرين على الطيران أو إيقاف قطار بيد واحدة أو إطلاق شعاع يحيل العدو إلى كومة مهملات أو- على الأقل- يردعه إلى الأبد.
حكايات لا حصر لها
هذا ليس سوى القشرة الخارجية، حسبما لاحظ بول كيتا، رئيس تحرير مجلة Men's Health وهو أب لطفل لم يتجاوز الخامسة من عمره بعد، إذ كتب: "أخطأت عندما أخذت ابني إلى دكان لبيع مجلات الكوميكس القديمة. هناك أدركت أن أبطال هذه الشخصيات الخارقة يقومون بما أحاول ردع ابني عن القيام به".
كان بول لاحظ أن ابنه بدأ، في تلك السن المبكرة، التصرّف على نحو مختلف عما قبل. إذ راح يرفس ويضرب ويعض رفاقه في المدرسة حسبما قال له المشرفون عليه. زيارة محل المجلات القديمة جعلته يدرك أن ابنه مصاب بعارض مبكر من رفض الواقع والرغبة في التصرف كتلك الشخصيات التي يشاهدها على شاشات ألعاب الفيديو ومحطات التلفزيون أو سواها.
حاول بول كيتا تصحيح الأمر بالحديث إلى ابنه محذرا إياه بأن هذه الشخصيات التي تدور في باله ليست واقعية ولا يمكن تقليدها، لكن التحذير، كما كتب، كان متأخرا أو لم يكن مقنعا: "الرغبة العاطفية لدى ابني سطت على الواقع، وتصرّفاته العدائية استمرت".
لا بد أن هناك حكايات لا حصر لها تُماثل هذه الواقعة أو تضيف إليها. ذلك أن ما نشاهده على الشاشة لا يمر عبثا ولا تنتهي آثاره بنهاية الفيلم حين تصدح الموسيقى على أسماء كل الذين شاركوا في صنع هذه الأفلام. يهبّ الراشدون وقوفا مبتسمين أو ساخرين، لكن من هم في سنوات المراهقة وما دون يغادرون الصالة وقد حفظوا الفيلم وحركات أبطال الفيلم وتصرفاتهم، وتشرّبوا الوهم الذي تعرّضوا إليه لساعتين من مشاهد العراك والعنف وخزعبلات البطولة المطلقة.
"شازام" كلمة تحوّل الناطق بها إلى شخصية كابتن مارفل كما وردت أولا في فيلم"مغامرات الكابتن مارفل" عام 1941، الذي كان فيلما مسلسلا يسبق الفيلم الأساسي المعروض على مدى 12 أو 15 أسبوعا، كل حلقة منه تتألف من نحو 13 دقيقة وتبدأ حيث انتهت الحلقة السابقة وتمهد للحلقة المقبلة. هدفها كان جر المشاهدين في كل أسبوع إلى مشاهدة كيف سيخرج البطل من مأزق أو فخ أو كيف سينقذ نفسه وقد انهارت فوقه صخور كبيرة أو وجد نفسه سجين كهف بلا منفذ. في أفلام عدة كان يجد نفسه في حجرة صغيرة تتحرك جدرانها للإطباق عليه. كيف سينجو؟ "لا تنس العودة إلى الحلقة المقبلة في هذه الصالة لمعرفة الجواب"، كما يقول التعليق. البطل، كابتن مارفل أو سواه، كان دائما ينجو ودائما يعود.
في الماضي كان هناك قدر كبير من السذاجة المعفاة من النقد.في ذلك الفيلم، تحت إخراج مزدوج من جون إنغليش ووليام وتني، لعب فرانك كوغلان دور الفتى الذي ينطق بالكلمة السحرية فيصبح كابتن مارفل في ثوان (قام به توم تايلر). الممثل المتحول (فرانك كوغلان) لم يحفظ الإسم جيدا خلال التصوير ولم يتدخل المخرجان لإرشاده، فمرّة يقول "شازام"، ومرّة "شازيم"، ومرّة "شازوم". لكنّ الخيال هو ذاته.
لعل أطفال ذلك الزمن ومراهقيه كانوا أكثر فطنة، أو أن أفلام الأبطال الخارقين لم تكن آنذاك مزوّدة بالإمكانات الرهيبة للمؤثرات البصرية. لذلك كان التأثير محدودا والخيال أضعف من أن يستولى على الواقع.