ركز الرئيس الفرنسي ماكرون مجدداً ، في التاسع من أبريل/نيسان 2023 خلال عودته من زيارة الدولة التي قام بها إلى الصين، على الاستقلالية الإستراتيجية لأوروبا. وشدد على مخاطر انجرار القارة القديمة إلى أزمات من شأنها أن تمنع الاتحاد الأوروبي من أن يصبح أقل اعتمادًا على القوة الأميركية، وقطباً ثالثاً بين "الولايات المتحدة" و"الصين".
سرعان ما أثارت تصريحات إيمانويل ماكرون عاصفة دبلوماسية وإعلامية في فرنسا وخارجها، وأخذ عليه كثيرون أن هذا الموقف "غير مسؤول" وأنه سوف يكسر الوحدة الضرورية للعالم الغربي في خضم الحرب الأوكرانية والتوتر حول تايوان.
إلا أن الوصول إلى الاستقلال الإستراتيجي الأوروبي لا يعد في مطلق الأحوال هدفاً سهل التحقق، ليس بسبب رفض واشنطن فحسب، بل نظراً لخلل بنيوي في الاتحاد وللانقسام الأوروبي وقبل كل شيء عقبة أو عقدة ألمانية.
تاريخ مفهوم الاستقلال الإستراتيجي
الحكم الذاتي الإستراتيجي الأوروبي ليس مفهوماً جديداً. إنه مشروع فرنسي قديم يعود تاريخه إلى بداية الجمهورية الخامسة، وحاول الجنرال شارل ديغول تمريره دون نجاح مع المستشار الألماني كونراد اديناور عند إبرام معاهدة الإليزيه بين البلدين في 22 يناير 1963.
لكن العديد من المسؤولين الألمان اشتبهوا في وجود دوافع فرنسية خفية وراء فكرة الانعتاق الأوروبي، وأضاف البوندستاغ ديباجة للمعاهدة أفرغت منها معناها الإستراتيجي من خلال ربط التعاون الأوروبي بحلف شمال الاطلسي.