استغلال الإنسان وتسليعه
فكما اختُزلت ملكية صور الماضي الإنساني في شركات، مثل "غيتي"، تتحكم بثمن معرفة الإنسان لماضيه، أيضا اختزلت أحقية الإنسان في عيش الحياة في العصر الراهن، من خلال تعزيز الرأسمالية، وتحويل دقائق المرء الحديث، إلى زمن مستغل للإعلانات التجارية الموجهة، التي ملأت مواقع التواصل الاجتماعي الحديثة.
تمضي مشاهد الفيلم منذ البداية صامتة، ثم في ما بعد، تجيء مصحوبة بخلفية موسيقية إيقاعية، تحمل من السرعة ما يكفي ليقول للإنسان: لقد مر سريعا ذلك القرن، بأحداثه، واكتشافاته، وكوارثه وحروبه، وهوية إنسانية، بالطبع حملت اختلافا كبيرا عما هي اليوم.
تلك اللقطات المتسارعة، تكشف عن انتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان، فتنقل تعرضه للقمع والضرب والسحل على أيدي السلطات المختلفة، خلال تظاهرات، تطالب إما بتحرير الإنسان، أو بالمساواة، أو بمنع الهجرة القسرية من مكان إلى آخر.
كما حملت تلك المشاهد التمييز الكبير الذي حمله ذلك القرن بين الألوان، فكان العرق هو ميزان تقييم الإنسان حينها، إذ نجد صورة لطفل أفريقي أسود البشرة، وقد تناقص حجمه بفعل المجاعة في بلاده، إلى ما يشبه غصن شجرة محترق، لكن هل اختفت مثل هذه الصورة في القرن الحادي والعشرين! لربما ازدادت المجاعات حدة، عمّا قبل.
في المشاهد هنالك صورة بشعة توضح استغلال المرأة اقتصاديا، واعتبارها سلعة لعرض الملابس العارية، فنجد مشاهد لفتيات يستعرضن الملابس، ويخضنَ مسابقات ملكات الجمال، التي تقيمها الشركات من أجل دعم منتجاتها، وترويجها في الأسواق.
في الصور تظهر المرأة خاضعة لسلطة الرجل، ويبدو الرجل هو من يمتلك الصوت والقوة والطريقة، لإدارة الحياة، ولو نظرنا إلى العالم بعد مئة عام من تاريخ تلك الصور، هل تغيرت الحال؟
زعماء
جاء ظهور القادة السياسيين المشاهير خلال الصور، مثل هتلر، ونيلسون مانديلا، وغيفارا، وغيرهم، بالإضافة إلى ظهور الجيوش والنزاعات الدولية والأهلية، ليضع رمزا صريحا، يلخص طريقة الماضي في تشكيل ذاته، فكانت الحياة تدار بالخطابات العاطفية، التي لم تعد تصلح، إلا ما ندر، في عالمنا الحديث.
الصور تنقل خطوات الزعيم الألماني هتلر وهو يصل إلى العاصمة الفرنسية باريس، بين جنوده، وينظر متأملا برج إيفل، وقد حملت هذه اللقطة إحدى صور الحرب التي سادت في ذلك الزمن.
في حين نجد مشهدا مناقضا تماما، حيث يقف المناضل الجنوب أفريقي، نيلسون منديلا رافعا بيده أيقونة الحرية والتحدي للظلم الإنساني والتمييز، والديكتاتورية، ويعيد شد خيط الفكرة الإنسانية الحرة، محققا بذلك، صورة مشرقة في ألبوم كبير سادته العتمة والاحتراق.