دخلت الأزمة التونسية نفقا غامضا جديدا بعد التصعيد في وجه المؤسسات المالية الدولية، بشأن الإفراج عن قرض قيمته 1,9 مليار دولار لسد العجز في موازنة 2023 الذي يقدر بأكثر من خمسة مليارات دولار، ما يضع البلاد في خانة التخلف عن تسديد مستحقات الديون الخارجية. جاء ذلك عقب تصريحات للرئيس التونسي قيس سعيّد الرافضة شروط صندوق النقد الدولي التي وصفها بـ"غير المقبولة وتهدد السلم الاجتماعي". واعتبر أن "الإملاءات التي تأتي مـن الـخـارج مرفوضة لأنها تـؤدي إلىمزيد من الإفقار". وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسية إن الرئيس يسعى إلى إقناع جزء من الرأي العام المحلي والخارجي بصعوبة تنفيذ شروط الصندوق، مخافة تكرار سيناريو انتفاضة الخبز في أواسط ثمانينات القرن الماضي، عندما رفع الدعم عن السلع الاستهلاكية الأساسية. واعتبر مراقبون أن سعيّد يتجه نحو القطيعة مع صندوق النقد ويراهن على دعم بديل من دول مناوئة للولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يعتبره الدافع وراء تشديد شروط منح مساعدات لبلاده.
بحسب المتحدث باسم جبهة 25 يوليو/تموز، المؤيد للرئيس، محمود بن مبروك، ستتجه تونس للانضمام إلى مجموعة "بريكس"(BRICS) التي تجمع البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وذلك "بديل سياسي واقتصادي ومالي سيمكّن تونس من الانفتاح على العالم الجديد، ويمنحها مكاسب اقتصادية يكون لها تأثير إيجابي على الأوضاع الاجتماعية في البلاد". لكن هذا البديل ليس واقعيا وغير قابل للتطبيق، لأن تونس تحتاج إلى عملات أجنبية آنية من الدولار واليورو لتسديد ديون مستحقة لحساب مؤسسات مالية دولية وأوروبية. كما لا يبدو الطرح منطقيا بالنظر إلى حجم الاقتصاد التونسي الذي يقدر بنحو 45 مليار دولار، ومديونية تصلالى 80 في المئة من الناتج الإجمالي.