يوم آخر، وإطلاق نار جماعي آخر في الولايات المتحدة. كان تركيزنا أثناء كتابة هذه السطور منصبا على تسعة مراهقين قُتلوا في إطلاق نار أثناء حفلة موسيقية في تكساس، إلا أننا شبه متأكدين من أنه عند قراءتكم لهذه المقالة، ستكون العناوين مشغولة بعملية قتل أخرى مماثلة ومأساوية في مكان آخر.
هذا هو حجم العنف المسلح في أميركا، إذ باتت حوادث إطلاق النار الجماعي– وهو ما يطلق على عمليات إطلاق النار التي تؤدي إلى إصابة أو مقتل أربعة أشخاص أو أكثر- تتكرر بمعدل مرتين في اليوم الواحد.
فمنذ بداية عام 2023، تكررت هذه الحوادث أكثر من 160 مرة. وللأسف، بات من السهل التنبؤ بحدوث مثل هذه الهجمات الجماعية إضافة إلى ردود الفعل الصادرة عن المشرعين الأميركيين. إذ يُعرب حكام الولايات وأعضاء مجلس الشيوخ عن تضامنهم ويتلون صلواتهم. وفي بعض الأحيان، يحاول البيت الأبيض فرض ضوابط جديدة على استخدام السلاح، إلا أنها دائما ما تتعرض للعرقلة أو التخفيف من قبل مجالس الشيوخ. وحتى اللحظة، لم تحدث أية تغييرات تذكر، حيث ما زالت حوادث إطلاق النار الجماعي تتكرر باستمرار.
ولكن بينما يتركز الاهتمام لسبب مفهوم على كيفية تأثير مشكلة السلاح على السياسة الداخلية والمجتمع الأميركي، فإن عمليات إطلاق النار الجماعية تؤثر أيضا على السياسة الخارجية الاميركية. تُعدّ القوة الناعمة، وهي القدرة على إقناع الآخرين بفعل ما تريد بفضل جاذبيتك، أداة مهمة للعلاقات الدولية، وقد استخدمتها أميركا بشكل فعال منذ تأسيسها كدولة. ولكن جاذبية واشنطن العالمية اليوم باتت أكثر عرضة للخطر ولم تعد رائدة كما كانت في الماضي. حيث تساهم عمليات إطلاق النار الجماعية والعنف المسلح الخارج عن السيطرة إلى تقويض الصورة الإيجابية للولايات المتحدة بين الجمهور العالمي، وقد تؤثر بشكل كبير على قوتها الناعمة مع مرور الوقت.