نشطت الدبلوماسية السعودية لتوسيع مفاعيل اتفاقها مع إيران، فبالتوازي مع تثبيت الهدنة وتبادل الأسرى مع الحوثيين في اليمن، توجهت المملكة نحو سوريا بعد انقضاء أحد عشر عاماً على تعليق عضويتها في الجامعة العربية (في نوفمبر/تشرين الثاني 2011) بأغلبية 18 دولة، عقب اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب في القاهرة بعد ثمانية أشهر من اندلاع الاحتجاجات والثورة في سوريا التي تحوّلت فيما بعد إلى حرب أهلية طاحنة.
وعلى قاعدة الانسجام مع ما تضمنه الاتفاق السعودي- الإيراني الموقّع في 10 مارس/آذار 2023 و"تأكيد الدولتين على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية"، تمتّ دعوة وزير خارجية سوريا فيصل المقداد إلى المملكة في 12 أبريل/نيسان، لمناقشة ما يمكن تسميته خريطة طريق لسوريا جديدة.
اختصر البيان المشترك الصادر بعد لقاء المقداد بوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود جملة من العناوين التي وضعت النظام السوري أمام جملة من الخيارات المفصليّة لطيّ حقبة من سياسات وتحالفات لم تقصِ سوريا عن محيطها الطبيعي فحسب، بل جعلت منها مصدراً للتهديد، وأفقدتها مقوّماتها كدولة فاعلة في المنطقة.
البيان المشترك للقاء وزيري الخارجية الذي أكّد على حلّ سياسي للأزمة السورية- بما يحافظ على وحدة سوريا، وأمنها، واستقرارها، وهويتها العربية، وسلامة أراضيها وضرورة دعم وسيطرة مؤسسات الدولة السورية على أراضيها وإنهاء وجود الميليشيات المسلّحة والتدخلات الخارجية وتعزيز التعاون بشأن مكافحة تهريب المخدرات والإتجار بها- استُتبع باجتماع تشاوري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق في مدينة جدة يوم 15 أبريل/نيسان ليضع ما ورد في البيان في عهدة دور قيادي عربي يساهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي واستعادة دورها الطبيعي. وفي هذا الإطار، أتت زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق يوم الثلاثاء 18 أبريل/نيسان لنقل ما تمّ الإجماع عليه إلى الرئيس السوري بشار الأسد.