في المملكة العربية السعودية التي زارها الشاعر العربي الكبير أدونيس، وأقام فيها سلسلة من الندوات والأمسيات الشعرية في عدد من المدن السعودية، لقاء متجدّد بين أحد رموز الحداثة العربية وما يعتبره "جزءا عضويا من الأرض التي أنتمي إليها حضاريا"، على حدّ قوله لـ "المجلة". استقبال أدونيس الحافل والحاشد، من قبل مثقفين وشعراء ومهتمين وقراء، يدلّ على المكانة الكبيرة التي يحتلها في ذاكرتهم ووعيهم بوصفه أحد المجدّدين في القصيدة العربية، وفي الوقت نفسه صاحب النظرة الخاصة والعميقة للإرث العربي الشعري. خلال هذه الزيارة تسنى لأدونيس أيضا القيام بجولة في "العلا" التاريخية، حيث سجّل دهشته الشعرية والإنسانية العالية أمام هذا الأثر الحضاري.
انتماء حضاري
ماذا تعني لكَ هذه الزّيارة إلى المملكة العربية السعودية؟
أدونيس:
"لا مثيل للعلا في العالم"
طفت العالم من اليابان إلى أمريكا ولم أشاهد أفضل من #العلا
خلال جلساته في فعاليات #روي التي تنظمها #جامعة_الطائف ممثلة في #أكاديمية_الشعر_العربي بالتعاون مع هيئة الأدب والنشر والترجمة pic.twitter.com/Xxm0eW8AyT
— ناهـس العضياني (@nahesalodhayani) March 20, 2023
عليّ أوّلاً أن أُذكِّر، خصوصاً أولئك الذين ينسون أو يتناسون، لسبب أو آخر، أنّني لا أُماهي بين الشعوب والأنظمة، أو بين الثّقافة والسّياسة. وأنّ الأرضَ التي زرتُها، مهما كانت أحوالُها، ماضِياً وحاضِراً ومستقبلاً، جزءٌ عضويّ من الأرض التي أنتمي إليها، حضاريّاً ــ طبيعةً وثقافةً، كينونيّاً وإنسانيّاً، وَحْياً ونُبُوَّةً، وأنّها امتدادٌ لجسديّة الأرض التي هي "أوّل أرضٍ مسَّ جلدي ترابُهاً"، كما يعبِّر شاعرٌ قديمٌ من أسلافي الشّعراء.
أذكّرُ أيضاً أنّني كنتُ "بعيداً" عنها، بقوّة ظلامٍ ليس منها، ويتناقض كلّيّاً مع جوهرها العميق المؤسِّس. هكذا كنت أشعر أنّ في كينونتي، وفي لغتي التي أُفصِحُ بها عن هذه الكينونة، نشأةً وحياةً ومَصيراً، شيئاً يسجنُ كينونتي نفسها. كيف لا أفرح إذاً، عندما أرى أنّ هذه الأرض بدأت تخرج من قيودها وسجونها، وبدأت تفتح أبوابَ الحرّيّة، وآفاقَ الضّوء ومعارِجَ الانعتاق، وأخذَتْ تُمَهِّد الطُّرُقَ لتحقيق هذا كلِّه؟ خصوصاً أنّ هذه الأرض أصلٌ أوّل بين الأصول العظيمة الأولى التي أضاءت العالم، وشاركت في بنائه ــ إنسانيّاً وحضاريّاً.