ثم ماذا بعد؟ سؤال معلق في سماء السودان الملبد بالدخان الأسود الناجم عن المعارك التي تدور على أرضه منذ ستة أيام، مخلفة مئات القتلى، وآلاف الجرحى، والمباني المدمرة، والخدمات المتردية، والأوضاع الإنسانية المأساوية، والموت "السايب" بالطلقات الطائشة والقذائف التي أخطأت أهدافها إلى بيوت الناس ومساكنهم، والرعب والهلع والحزن.
السؤال أعلاه– ثم ماذا بعد؟- يصبح أكثر إلحاحا بعد مضي كل ساعة من ساعات الحرب، وبعد كل يوم من أيامها الكريهة، وتتناسل منه سيناريوهات عديدة...
تبدأ دائما في حال انتصر الجيش السوداني على قوات الدعم السريع؛ في أي طريق ستسير الأمور؟
وإذا حدث العكس وبسطت قوات الدعم السريع سيطرتها على المواقع الاستراتيجية وتسيدت المشهد..
وهناك سيناريو ثالث في حال استمرت الحرب وطالت أيامها ولم ينتصر أحد..
أما السيناريو الأخير فيتعلق بأن تنتهي الحرب على طاولة الحوار والمفاوضات وتعود العملية السياسية التي انقطعت بسبب الصراع العسكري المسلح.
قبل أن نفكك السيناريوهات الثلاثة نجد أنه من المهم الإشارة إلى نقطة جوهرية متسببة لحد بعيد في حيرة السودانيين حول مصائر هذه المعارك الدائرة، وهي أن قادة الحرب لم يقدموا للناس طروحات وحججا قوية ومنطقية لقيام الحرب أصلا، حتى تجعل النهاية مفهومة ومتوقعة، كما أن تصريحاتهم في الإعلام زادت الحرب إبهاما وغموضا وإحباطا؛ اسمع ماذا قال قائد الدعم السريع في تصريحات صحافية، قال: "ليس لدينا مشكلة مع الجيش، ولكن مشكلتنا مع القيادة". وفي بيانات كثيرة يقدم دعوة للضباط والجنود في القوات المسلحة للانضمام للدعم السريع.
في المقابل، يجاريه قادة الجيش؛ حيث قال عضو مجلس السيادة الفريق أول شمس الدين الكباشي، وهو القائد الفعلي للمعارك: "ليس لدينا مشكلة مع قوات الدعم السريع ومشكلتنا مع حميدتي وشقيقه". وأيضا قدم دعوة للضباط والجنود في الدعم السريع لتسليم سلاحهم والانضمام الى الجيش ووعد بأنهم سيجدون معاملة كريمة.
نعم؛ مفهوم أن هذه التصريحات تندرج في إطار الحرب النفسية للتأثير على الجنود وكسب تعاطف المجتمع، ولكنها ظلت هي الرواية المعتمدة للحرب عند كثير من السودانيين، لذا فإن نظرتهم لها لا تتعدى كونها حرب قيادات تجعل سؤالهم عما يليها مشروعا وملحا.