قبل سنتين، عقد البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اجتماعا على مستوى المجالس التنفيذية في واشنطن للنظر في أهلية السودان للافادة من اعفاءات وتسهيلات مبادرة "البلدان الفقيرة المثقلة بالديون" (Heavily Indebted Poor Countries - HIPC)، في مقابل التزام سلطات الخرطوم تنفيذ حزمة إصلاحات مالية واقتصادية واجتماعية ومؤسساتية لتعزيز الاستقرار السياسي، والحد من معدلات الفقر، وزيادة النمو، وتحسين مستوى معيشة السكان وتطوير منظومة حقوق الإنسان والحريات، في بلد يزيد سكانه على 48 مليون نسمة، بمساحة جغرافية تمتد على 1,88 مليون كيلومتر مربع.
يعتبر السودان إحدى أفقر الدول العربية والأفريقية بدخل فردي سنوي قُدّر بنحو 751 دولارا بحسب إحصاءات البنك الدولي لعام 2022. وهو من البلدان المهددة دائما بالأزمات الغذائية على الرغم من المساحات الزراعية الشاسعة وموارد مائية عذبة بفضل تدفق مياه النيل من إثيوبيا جنوبا إلى مصر شمالا. لكن عدم الاستقرار السياسي والانقلابات العسكرية المتعاقبة، والحروب الأهلية المختلفة، لم تسمح للسودان بالإفادة من هذه الثروات الطبيعية والحيوانية والمعدنية، بل كانت عاملا إضافيا لتواصل نزاعات مسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق على مدى سنوات طويلة، كلفت نحو 500 مليار دولار خسائر على مستوى التنمية الاقتصادية، وجعلتها في حال إفلاس نقدي بحسب تقديرات المؤسسات المالية الدولية.